006

             
  

     

 

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة عيـد الأضحى 1435 هجري ـ أكتوبر 2014 م

كتبها الشيخ : عبد الرزّاق  طاهر فارح

ترجمها:  د . فهيم بوخطوة

 

10 ذوالحجّة 1435

02 أكتوبر 2014 

 

الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر الله الله أكبر ، ولله الحمد .

الله أكبر كبيراً ، والحمد لله كثيراً ، وسبحان الله بُكرةً وأصيلاً.

الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وجعلنا من خير أمَّة أخرجت للأنام. والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين، وحُجَّة على الخلق أجمعين، نبِيِّنا محمد وآله وصحبه الغُرِّ الميامين.

أما بعد، فإن خير الوصيّة للمؤمنين، ما أوصى به الأوَّلين والآخرين: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ۚ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚوَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا} 3:131.

الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر الله الله أكبر ، ولله الحمد .

أيّها المسلمون المجتمعون في هذا العيد السعيد، هنيئا لكم ما أصبحتم فيه من توحد وطاعة وغنى، وأمن ومحبّة واجتماع، ممّا أصبح النّاس فيه من كفر وإلحادٍ وفقرٍ وخوفٍ وبغضاء وفُرقةٍ. فاحمدوا الله على هذه النعمة واشكروه على عظيم المِنَّة.

فإن من أعظم المقاصد والغايات في شريعة الإسلام، إجتماع كلمة المسلمين واتفاق رأيهم، وائتلاف قلوبهم واكتما محبّة بعضم لبعض. بذلك يتحقق التّناصر بينهم، ويحصل التعاون. وبه يعلمو دينهم وتصلح دُنياهم، وعليه تقوم مصالحهم في العاجل والآجل. وذلكم هو حبل الله المتين وصراطه المستقيم، ومُقتضى الإيمان به ولازم تقواه.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} 103-102 :3. وقال سبحانه: {وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوه وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَ‌ٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} 6:153. وقال جلَّ وعلا: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ  وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} 5:2. وقال عزَّ وجلَّ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} 49:10. وقال سُبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} 8:1.

وعند البخاري ومسلم، عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: {مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمّى}. وفيهما أيضا: {المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه تعضا}. ولأنّه لا اجتماع لكلمة ولا إتفاق في رأيٍّ، ولا أُلفة لقلوب ولا راحة لنفوس ولا سعادة لمُجتمع ولا قوَّةَ لشوكةٍ، دون نبذِ الفرقة وتقليل الإختلاف.فقد نهى الله ورسوله عن التّفرّث والإختلاف أشدَّ النَّهي. قال تعالى: { وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖوَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} 8:46. وقال سبحانه: { وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } 3:105. وقال عزَّ وجلّ: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} 6:159.

وفي صحيح مسلم أنّه صلى الله عليه وسلم كان يمسح مناكبهم في الصلاة ويقول: {إستوُوا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم}.

الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر الله الله أكبر ، ولله الحمد .

أيُّها المسلمون، إنه وإن كان إجتماع الكلمة ونبذ التفرُّق واجباً على المسلمين في كلِّ وقت وحين، لأنه لا يكن آكد ولا أوجب كمثله في هذا الوقت العصيب، الذي خاطب فيه بالمسلمين الشّدائد من كلِّ جانب. وبرزت لهم الفِتن من كل جهة، وصار من المتعيِّن عليهم أن ستجمعوا قُواهم ويستكملوا عدَّتهم ، ليحفظوا حوزة الدِّين والملَّة. وليحرسوا سُوْرَ الأخلاق والفضيلة، وليُنثذوا أنفسهم من كل عدوٍّ وشامتٍ ومنافق متربِّص.

أل وإن مما أُمر به المسلمون لإجتماع كلمتهم، وشهد بأهميته تاريخ الأمة الماضي، وأيّده الحاضر المشاهد: لزوم الجماعة واتبّاع سبيل المؤمنين، وعدم مُشاقَّتهم ولا مُنازعتهم ولا الشُّذوذ عنهم، إذْ ما اجتمعت الأمّة في زمن على إمام واحدٍ، وسمِعت لأُولي الأمر منها وعقلت وأطاعت، إلا أمِنت سُبُلها، واطمأنّت في ديارها، ونالت الرّخاء والسَّعَة، وعزَّ جانبها وتقدّمت، وصارت يداً واحدةً على من ناوأها، وهابها أعداؤها وخافوها. ولا هي خرجت على أئمّتها وناعزعت وُلاتها، إلا صار بأسُهُم بينهم شديداً، واستحرَّ فيهم القتل، وفسدت منهم القلوب، وتشتَّتوا وتفرّقوا، وعَدَا عليهم العدوُّ وغزاهم، فأخذ بعض ما في أيديهم واستضعفهم.

الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر الله الله أكبر ، ولله الحمد .

عباد الله، لئِن كان الشيطان قد أيِسَ أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، لأن الله أراد لها أن تكون معقلا للإسلام وعاصمة للإيمان، إلا أنّ عدُوُّ الله ما زال ولن يزال ساعيا في التحريش بينهم والإفساد، وتفريق الصفوف وتقطيع الأواصر. فما أحرى المسلمين أن يقطعوا عليه الطريق. فيدخلوا في السِّلم كافة، ولا يتَّبعوا خطواته. وأن يُطيعوا من ولاّه الله أمرهم، ويُوقِّروا علمائهم ودُعاتهم، وينقادوا للناصحين منهم ويسمعوا لهم. والا يكون اختلاف الأساليب وتنوُّع الوسائل، أو تعدُّد الأهداف القريبة وتغاير المشارب الصَّغيرة، حائلا دون بعيد الغايات، أو صارفا عن تحديد الأولويات، وأو مؤديِّيا إلى تباين المعتقدات، أو موقعا في تركِ الثَّوابت وإهمال الأصول، أو موجبا لركوب الهوى وإعجاب كلِّ ذي رأيٍ برأيه.

 

ومن كان ذا نيَّةٍ صادقة في الإصلاح، ولديه رغبةً جازمةً في التغيير للإحسن، ويحمل بين جنبيه إرادة للخير ويطمع في ردِّ هيبة الأمّة فإنه لا يبحث عن مواطن الخلاف فيدُلَّ عليها، ولا ينزع إلى العناد والجدل فيُصِرَّ  عليه، ولا مكان لديه لإتباع الهوى وإبراز الذّاتِ، أو تغليب مُشتهياته الخاصة على المصالح العامة. ذلك لأنّه يعلم أنّ التنازع والصدام، وعدم التواضع وترك التطامن، وحُبَّ الجدل وركوب الهوى، لا تردم حفرة ولا تزيل نفرة، ولا تجلب وُداً ولا تبني حباً، ولا تُصلح علاقة ولا تُذهب جفاء, ولكنها مُذهِبةٌ للصّفاء والنَّقاء، مُقوِّيةٌ لشوكة الأعداء ومُضعفةٌ لجانب الأولياء.

وحين يُدرِكُ الجميع، كباراً وصغاراً ورجالا ونساءً، أن الخطر مُحدِقٌ بهم من كلِّ جهة، وأنهم هدفٌ لكل ضال وغرضٌ لكل منحرف، وأنَّ صلاح دينهم وأمن بلادهم، وسعة أرزاقهم ورخاء عشيهم، مطمع لكل عدوٍ وحاسد، وأنَّ الشقاق المفتعل بين الوُلاة والدُّعاة والعلماء، والوُجهاء والضعفاء، لا يُثمر إلاّ إستنزاف القُوَى وتبديد الجهود وإضاعة الأوقات وفساد الحياة، وحَملَ كلِّ منهم علىالشَّك في الآخر، وجعلهم في حيرة من الأمر حتى يأتيهم العدُوُّ وهم غافلون. إنهم حين يدركون ذلك ليحرصون جميعا على جمع الكلمة ووحيد الصَّف ورأب الصّدع، ولن تراهم إلا عاملين على إزالة كلِّ أسباب الفُرقة، محسنين الظّنَّ ببعضهم، متقاربين في رؤيتهم، متعاونين لتحقيق غايتهم. قال صلى الله عليه وسلم: {عليكم بالجماعة وإيَّاكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من افثنين أبعد، من أراد بُحبُوحَة الجنَّة فليلزم الجماعة} رواه الترمذي وصححه الألباني.

الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر الله الله أكبر ، ولله الحمد .

عباد الله، لقد بُلِيَ الناس في زماننا بالبحث عن الزّعامة وحب الصدارة، وشغلهم طرد الجاه والتعلق بالمناصب، فصار كلِّ منهم يسعى إلى أن يكون آمراً مُطاعاً وقائداً متبُوعاً، وجعل يبحث عن الشُّهرة أينما حلَّ وارتحل، ويطرُدُها يمينا وشمالا وشرقا وغربا، حتى غيَّب هذا الشعور كثيرين عمّا يجب عليهم من مجاهدة أنفسهم واتهامها، والتفتيش عن عُيُوبها ومعرفة خللها، والعمل على تنقيتها وتصفيتها ممّا قد يُهلكها ويُرديها، وبدلاً  من يبدأ أحدهم مسيرة الإصلاح بإصلاح نفسه، بدأ بالآخرين. يتتبع عيوبهم وزلاّتهم، ويبحث عن سقطاتهم وهفواتهم. مُغرقاً في نقدهم وذمِّهم. مُسنِداً كلُّ نقسٍ إليهم. حاملاً عليهم كُلَّ ما يحصُلُ من خلل. وأمَّا هو، فلا هّمَّ له إلا أن يُجادل ويُخاصم ويُنازع ليُسَوِّغ أعماله ومواقفه. ويؤيِّد تصُّرفاته وفلتاته. حتى لكأنَّما هو معصومُ لا تزِلُّ قدمُهُ ولا يُخطئُ لسانه.

 

وتالله لقد تمزَّق بذلك صفُّ الإسلام، وتأخَّر سيرُ الأمّة وتخلَّفت. إذ أصبح الإنصياع للحق مفقوداً، وصارت شهوةُ العظمة هي الطّاغية على المبْتلى بها. تُعميه عن الحقِّ وتصرُّفاته عن إتِّباعه.

وأمر آخر أيها المسلمون أدَّى إلى إختلافِ الكلمة وضعف الهيبة. ذلكم هو خلط كثيرين بين الثوابت القطعيَّة والمبادئ الأصِيلة التي يجب الإتفاق عليها. وبين القضايا الفرعية الجزئيِّة التي يسُوغُ الإختلاف فيها، وتقديم آخرين نصيبهم من الدًّنيا على حظِّهم من الدِّين. فأُقيم الحُبُّ والولاء على أسُسٍ هَشَّةٍ، وصار منطق البعض والتَّبَرُّؤ مجرّد الهوى والشهوة. وتفاصل الإخوة ليس مجالاً للمفاصلة، وأغرقُوا في الجزئيَّات، وطالوا بالتَّكميليات. غافلين عن وُجُوب تحصيل الضَّرورات والحاجات أولاً. وأنّه ل يُبْتَنَى جدارٌ على غير أساسٍ. وأنَّ لكلِّ مُجتهِدٍ نصيباً من الأجر.

 

ألا فاتّقوا الله أيها المسلمون، واعلموا أنّ مِنْ لازِمِ الصِّدق مع الله ومحبَّة المسلمين، أن يقف المسلم عند حدود العدل والحق. وأن يقول للصَّواب: هذا صواب،، وللخطأ: هذا خطأ. وألاَّ يُقِرّ باطلا ولا ينتصر له، ولا يدعو إليه. فالمفهوم الجاهلي للنصر، القائم على التعصُّب الأعمى. قد أزاله الإسلام وطرحه. قال صلى الله عليه وسلم: {أُنصُرْ أخاك ظالما أو مظلوما}. فقال رجلٌ: يا رسول الله، أَنصُرُه إذا كان مظلوماً، أفرأيتَ إذا كان ظالماً، كيف أنصُرُه؟ قال: {تحجُزُه أن تمنعه من الظُّلم، فإنّ ذلك نُصرَةٌ}. رواه البخاري.

الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر الله الله أكبر ، ولله الحمد .

 

الخطبة الثانية:

الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر الله الله أكبر ، ولله الحمد. الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بُكرَةً وأصيلاً. الحمد لله معيد الجميع والأعياد, رفع السمأء بلا عماد، وأرسى الأرض بالأوتاد، وتعالى عن الصاحبة والولد والأنداد. والصلاة والسّلام على خير خلق الله، نبيِّه الذي خصَّه واصطفاه، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

 

أمَّا بعد ،، فاتقوا الله حق تُقاته وسارعوا إلى مغفرته ومرضاته، واعلموا أنّه لا يُمكنُ لقومٍ أن يُظهروا ديناً أو ينصروا حقاًّ، أو يقهروا عدُوًّا، أو يدحروا باطلاً، أو يُصلِحُوا مُجتمعاً أو يُعِزُّوا وطناً. وهم شراذمُ مُتفرِّقون، كلٌّ حِزبٍ بما الديهم فرحون.

لقد كان العرب قبل مبعث محمد عليه الصلاة والسلام، أعداءً فألَّف الله بين قلوبهم فأصبحوا بنعمته إخوانا. وبتلك الأخوَّة الصَّادقة والقلوبِ   المؤتلفة، إستطاعوا أن يقُودوا العالم ويُحَرِّروه. وقد امتَنَّ الله بذلك على نبيِّهِ عليه الصلاة والسلام فقال: { هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } 62 - 8:63 .

أجل أيُّها الإخوة، ما كان للمؤمنين الذين نصر الله بهم رسوله، وأعزَّ بهم دينه وأعلى بهم كلته، ما كان لهم أن يكونوا لذلك أهلاً. لو بقوا على ما كانوا عليه في الجاهلية من التناحر والعداوات والعصبيَّات، والتباغض والفُرقة والشَّتات.

ألا فاتَّقوا الله وارتفعوا عن دَنَايَا الدنيا وسفَاسِفِ الأمور. وانبذوا التكاثر ودعوا التفاخر. فإنَّ كلاً منكم مبعوثٌ وحدَه، مُحاسبٌ على عملِهِ. واحذروا أسباب الإفتراق والإختلاف. وأقوى مُورِّثٍ للعداوة وضياع القوَّةِ، ذلكم هو الوقوع في المعاصي والمخالفات، والتَّهاون بالكبائر والموبقات، وتجاوز حدود الشَّرع في الأمر والنَّهي. مع إعتياد السُّكوت والمداهنة، وعدم إحياء فريضة الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر. فإنَّه متى شاعت المعاصي والمنكرات، وأُضِيع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعُودِيَ المحتَسِبُون وأُسقِطوا، فلم تُحفظ لهم مكانةٌ ولم تُقبل منهم نصيحة، ولم تبقَ لهم هيبةٌ ولم تُسمع منهُم كلمةٌ، كانت العاقبة الحتميَّة هي إنحراف القلوب عن بعضها. وفقدان المحبَّة الإيمانية، وحلول القطيعة والبغضاء والعداوة والشحناء. ومِن ثمَّة ذهاب الرِّيح وسُقوط القوَّةِ، وتَغَلُّبِ الأعداء وهزيمة الأمّة. قال تعالى: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ} 5:14.

الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر الله الله أكبر ، ولله الحمد .

عباد الله، ضحُّوا، تقبَّل الله ضحاياكم، واذكروه على ما رزقكم، وكبِّروه على ما هداكم. إنَّ الله طيِّبٌ لا يقبَلُ إلاَّ طيِّباً. فاختاروا من الضّحايا أحسنها وأسمنها وأثمنها، وتهادوا وتصدَّقوا، وكلوا وادَّخروا، تواصلوا وتزاوروا، وتصافحوا وتصالحوا. وأفشوا السَّلام بينكم تُفحلوا. إنَّكم في أيّام عيدٍ وأكلٍ وشُربٍ وذِكرٍ لله، يحرُمُ صومُها، وتُعظَّم الشعائر فيها، فعظِّموا كُلَّ ما عظَّم ربُّكم. { ذَ‌ٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} 22:32.

الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر الله الله أكبر ، ولله الحمد .

يا نساء المسلمين،، احفظن حقَّ الله وحقَّ الأزواج، وإلزمن البيوت، ولا تبرَّجن تبرُّج الجاهلية الأولى. كُنَّ حصونا للصلاح والفضيلة، ولا تكُنَّ جُسوراً للفساد والرَّذيلة. أطِلْنَ الثِّياب وقصِّرن الألسِنة، واحفظن الوُدَّ ولا تنسّين الفضلَ. فنِعْمَ المرأةُ الودُودُ، الحَصَانُ الرَّزَّانُ، الكثيرةُ الحَيَاءِ الحسنة الثَّناءِ. إنْ أُعطِيَت شَكَرَت، وإنْ مُنِعَت صَبَرَت. تسُرُّ زوجها إذا نظرَ، وتطيعه إذا أَمَرَ، وتحفظه إذا غاب وتُبهِجُه إذا حضر. وبِئسَ للمرأة أن تكون كفورةً غير شكورة، تدفِنُ الحسنات وتُفشي السَّيِّئات، خرَّاجة ولاَّجة، أنَّانةٌ منَّانةٌ. تخلع الحجاب وتضع الجلباب، صبيُّها مهزول، وبتها مزبول، وكلامها وعيد وصوتها شديد.

الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر الله الله أكبر ، ولله الحمد .

 


Faheem Bukhatwa, my email address is : faheemfb@gmail.com