007

             
  

     

 

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة عيـد الأضحى 1436 هجري ـ أكتوبر 2015 م

كتبها الشيخ : عبد الرزّاق  طاهر فارح

ترجمها:  د . فهيم بوخطوة

 

10 ذوالحجّة 1436

24 سبتمبر 2015 

 

الحمد لله العلي الكبير ، الولي الحميد ، خالق الملق ومالك الملك ، ومدبِّر الأمر. خضع الخلق لربوبيته، وأذعن المؤمنون لألوهيته. وأقرُّوا بأسمائه وصفاته.

الحمد لله اللطيف الخبير الغفور الرحيم. شرع المناسك لمصالح العباد. واختص الموحِّدين من عباده لعمارة المشاعر وتعظيم الشعائر. ففي أداء المناسك قال تعالى: {ليشهدوا منافع لهم}، وفي نحر الهدايا والضحايا قال سبحانه: { وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ } 22:36 . فالحمد لله الذي شرعها لنا، وهدانا لها، وأقدرنا عليها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. حكيم ف أفعاله، حليم في إمهاله، عزيز في انتقامه، سريع ف عقابه. لا قدرة لأحد أمام قدره، ولا طاقة للخلق بعذابه.

 

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أعلى الله تعالى قدرَه، ورفع في العالمين ذكره، وأطهر في الأرض أمره، ونشر رسالته. فالناس يدخلون في دينه أفواجا. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

 

أما بعد،، فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وأقيموا دينه، وعظِّموا شعائره، واجهروا بحمده وتكبيره { ذَ‌ٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} 22:32.

 

الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر الله الله أكبر ، ولله الحمد.

 

الله أكبر، أرانا من قدرته على الأفراد والأمم ما يُبهر العقول، ويخلع القلوب، خشية له وخوف وتعظيما { لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ }  2: 116. {وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ} 30:25.

الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر الله الله أكبر ، ولله الحمد.

 

أيها المسلمون ،،، إنكم في يوم كريم وعيد عظيم. يومكم هذا هو يوم الحج الأكبر. أعظم الأيام عند الله بشهادة رسول الله. إنه يوم النحر وعيد الأضحى. آخر الأيام العشر المعلومات. تتلوه ثلاثة أيام معدودات ثي أيام أكل وشرب وذكر لله. قال عليه الصلاة والسلام: {أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر} رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني. وقال عليه الصلاة والسلام: {يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق عندنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب} رواه أحمد وصححه الألباني.

 

الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر الله الله أكبر ، ولله الحمد.

 

في هذا اليوم العظيم أيها المسلمون ، وفي أيام التشريق بعده، يجمع المسلمون بين ذكر الله بالصلاة والتكبير والتهليل والتحميد، وبين التقرُّب إليه بذبح الأضاحي وإراقة دمائها على إسمه تبارك وتعالى. عن البراء رضي الله عنه قال: "خطبنا النبي صلى الله عليه سمل يوم النحر فقال: {إنّ أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلى ثم نرجع فننحر. فمن فعل ذلك فقد أصاب سُنَّتنا، ومن ذبح قبل أن نُصلي فإنما هو شاةُ لحم عجَّله لأهله، ليس من النُّسك في شئ}". متفق عليه. وقال عليه الصلاة والسلام: {أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله} رواه مسلم. ولقد أمر صلى الله عليه وسلم بالصلاة والنحر شكراً لربِّه على ما خصَّه به من أكرم العطايا وأفضل المزايا. فقال له ربه سبحانه: {  إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ  * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ  } 3- 108:1 .

 

عباد الله، العيد فرصة للتراحم والتآزر والتعاون. وهي فرصة عظيمة لإصلاح ذات البين. فرصة لصلة الأرحام، وتجديد العلاقة بالأقارب والجيران. فرصة للعطف على الفقراء والمساكين. فرصة للإحسان إلى الأيتام والأرامل. فهي من شعائر الإسلام العظيمة. إطعام الطعام، والإحسان إلى الفقراء والأرامل والأيتام، طمعاً في رحمة الله الملك العلام. وهي فرصة لوحدة الأمّة وتماسكها. شرع الإسلام في هذه الأيام إدخال السرور على الأهل والأولاد، ولكن لابد أن يكون ذلك بالضوابط الشرعية التي أرشدنا إليها ديننا لاحنيف، بعيداً عما يُغضب الله تبارك وتعالى. واعلموا عباد الله أن المقصود من ذكر الله وتكبيره وحمده هو إحياء عظمة الله وكبريائه في القلوب. لتتوجّه إليه وحده في جميع الأحوال، وتُقبل النفوس على طاعته، وتحبه وتتوكل عليه وحجه لا شريك له. لأنه الكبير الذي لا أكبر منه، والرزّاق الذي لكل النِّعم منه، والملك الذي كل ما سِواه عبد له، والخالق الذي خلق كل شئ: {ذَ‌ٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ  ۖ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ ۚ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} 6:102

 

الخطبة الثانية

 

أمَّة الإسلام، إن أجلَّ نِعمةٍ أنعم الله بها علينا هي نعمة الإسلام. التي هدانا إليها وما كنَّا لنهتدي لولا أن هدانا الله. فاتقوا الله عباد الله، واشكروه على ما أنعم به عليكم من نعمة هذا الدين العظيم، الذي أكمله لكم، وأتمَّ به النعمة ورضيه لكم ديناً. قال تعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} 5:3.

إنه الدين الذي لا يقبل الله من أحد دينا سواه. قال سبحانه: { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 3:85. روى مسلم في صحيحه عن أبي هُريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {والذي نفس محمدٍ بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار}.

 

إعلموا أيها الناس أن دين الإسلام العظيم صالح لكل زمان ومكان، مشتمل على حلٍّ لكل قضية سبقت أن حدثت. فتمسكوا بدينكم، وعضّوا عليه بالناجذ. ففي ذلكم النصر والتمكين، والهداية لكم في الدارين. يقول صلى الله عليه وسلم {تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله}

 

فكلوا واشربوا وعظموا شعائر الله، وأكثروا من ذكر الله في أدبار الصلوات وفي جميع الأوقات. وافرحوا بعيدكم وأطيعوا فيه ربكم. واحذروا المنكرات في هذه الأيام العظيمة. فليس من شكر الله تعالى على نعمه وفضله أن يُعصى في أيام ذكره وشُكره.

 

هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على نبِّي الرحمة والهدى كما أمركم بذلك ربكم عزّ وجل فقال: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } 33:56.

 

 

 

 


Faheem Bukhatwa, my email address is : faheemfb@gmail.com