Checkout

خطب الجمـعة

faheemfb@gmail.com

09

      

 

     

 

     


بسم الله الرحمن الرحيم

رمضان 2 ــ أسباب المغفرة

 

كتبها: الشيخ 

ترجمها إلى الإنجليزية : د . فهيم بوخطوة

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وأصحابه وأحبابه الطيبين الطاهرين ،

أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد بن عبد الله، وشرّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل في السرّ والعلن.

أيها المسلمون لازلنا في  شهر رمضان المبارك، شهر الصيام، شهر القيام، شهر القرآن، شهر الخيرات، شهر البركات، شهر النَّفَحَات، شهر كريم محفوف بالرحمة والمغفرة والعتق من النار، يقول الله الحقّ تبارك وتعالى آمرًا عباده المؤمنين بالصيام: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183]، روى الإمام أحمد والنّسائي عن أبي هريرة قال: كان رسول الله يُبشّر أصحابه يقول: ((قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تُفتح أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغلّ فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِم خيرها فقد حُرِم)).

أيها المؤمنون، شهر هذه بعض صفاته وفضائله لحرِيّ بالمؤمن أن يغتنم أوقاته في طاعة الله جلّ في علاه، وأن يصرفها مُتعبّدًا لله تعالى بأنواع العبادات والطاعات، بالصيام والقيام وقراءة القرآن والدعاء والاستغفار والذكر تسبيحًا وتهليلاً وتحميدًا، وذلك طلبًا لرضا الله سبحانه وتعالى وحصولاً على مغفرته.

عباد الله، اعلموا أن أسباب المغفرة في شهر رمضان المبارك كثيرة وعديدة، ولكن خشية الإطالة أختصرها إلى ما يلي:

أوّلاً: إن أول سبب لمغفرة الذنوب في شهر رمضان المبارك بلوغ شهر رمضان، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي قال: ((الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مُكفّرات ما بينهن إذا اجتُنِبت الكبائر)). الله أكبر، ما أعظم هذا الفضل! أسباب مغفرة يومية بإقامة الصلوات الخمس، كيف لا وقد وصف الله تعالى عباده المؤمنين بقوله: الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ [المعارج:23]؟! كيف لا والرسول يقول: ((أرأيتم لو أنّ نهرًا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من دَرَنِه شيء؟)) قالوا: لا يبقى من دَرَنِه شيء، قال: ((فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهنّ الخطايا)) متفق عليه؟! فهذا سبب لمغفرة الذنوب في شهر رمضان وغيره، ولكن بشرط وحيد ويسير على من يسّره الله عليه، ألا وهو اجتناب الكبائر. فهلاّ حافظنا على أداء الصلوات، واجتنبنا المنهيّات، وخاصّة الكبائر منها. ويؤيّد ذلك قول الرسول: ((ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة، وذلك الدهر كله)) رواه مسلم.

ومن فضل الله تعالى أن جعل أسبابًا أسبوعية لمغفرة الذنوب بصلاة الجمعة، يقول الرسول : ((من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غُفِر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام)) رواه مسلم.

ومن فضل الله سبحانه وتعالى أن جعل أسبابًا سنويّة لمغفرة الذنوب ببلوغ شهر رمضان مع اجتناب الكبائر، فكم من رمضان يمرّ علينا، وكم من سنة تلو السنة تمرّ علينا ونحن غافلون عن استشعار هذه الفضائل العظيمة والنفحات الكريمة.

أيها المسلمون، ومن أسباب مغفرة الذنوب في شهر رمضان المبارك الصيام، فعند البخاري ومسلم قول الرسول : ((من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدّم من ذنبه)). فمن صام رمضان إيمانًا بالله ورضًا بفرضية الصوم عليه واحتسابًا لثوابه وأجره ولم يكن كارهًا لفرضه ولا شاكًّا في ثوابه وأجره فإن الله يغفر له ما تقدّم من ذنبه.

أيها المؤمنون، ومن أسباب مغفرة الذنوب في شهر رمضان المبارك القيام، يقول الرسول في الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم: ((من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدّم من ذنبه)).

ومن أسباب مغفرة الذنوب في شهر رمضان المبارك قيام ليلة القدر، فقد قال عليه الصلاة والسلام: ((من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدّم من ذنبه)) رواه البخاري ومسلم.

يقول الله تبارك وتعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ شهر رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة:183-185].

بارك الله لنا في القرآن والسنة، ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه، فيا فوز المستغفرين، ويا نجاة التائبين.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيمَ الجليل لي ولكم ولعموم المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه وتوبوا، إنّه هو الغفور الرحيم .

 

 

والحمد لله رب العالمين