خطب الجمـعة |
|
|
120 |
|
بسم الله الرحمن الرحيم
إقتناص الفرص
كتبها: الشيخ : د. يونس صالح
ترجمها: د . فهيم بوخطوة
20 نوفمبر 2009
02 ذوالحجّة 1430
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
أما بعد:
سوف نتحدث اليوم عن اقتناص الفرص ويكون الحديث في محورين : المحور الأول : فرص
متاحة . والمحور الثاني : المنهجية في كيفية اقتناص الفرص .
المحور الأول : فرص متاحة ،
الفرصة الأولى : وهبك الله الحياة فغتنمها
أخي الحبيب وأحتي الحبيبة لقد خلقنا الله ووهبنا الحية ، وذلك للقيام بأعظم
مهمة وهي عبادة الله تعالى والفوز برضاه وهذا قد ضمن الله هذه الفرصة في قوله
تعالى : والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذبن أمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا
بالحق وتواصوا بالصبر " .
الفرصة الثانية : كن من إخوان النبي صلى الله عليه وسلم
أحي الحبيب أختي الحبيبة إن فرصة أن تكون من أتباع النبي صلى الله عليه وسلم
وددت لو اري احبابي : قالوا : أو لسنا احبابك يا رسول الله ؟! قال : بل انتم
اصحابي ولكن احبابي قوما ً يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني والذي نفسي بيده
لاجر الواحد منهم بسبعين منكم!! قالوا: بل بسبعين منهم يا رسول الله .. قال بل
بسبعين منكم انكم تجدون علي الخير أعوانا ً وهم لا يجدون
.
بلفظ
آخر:-
( أتيت
أبا ثعلبة الخشني فقلت له : كيف تصنع في هذه الآية ؟ فقال : أية آية ؟ قلت :
قول الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا
اهتديتم } ؟ قال : أما والله لقد سألت عنها خبيرا , سألت عنها رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقال : بل ائتمروا بالمعروف , وتناهوا عن المنكر , حتى إذا رأيت
شحا مطاعا , وهوى متبعا , ودنيا مؤثرة , وإعجاب كل ذي رأي برأيه , فعليك بخاصة
نفسك , ودع العوام , فإن من ورائكم أياما الصبر فيهن مثل القابض على الجمر ,
للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون كعملكم _ قال عبد الله بن المبارك :
وزاد غير عتبة : قيل : يا رسول الله , أجر خمسين رجلا منا أو منهم ؟ قال : بل
أجر خمسين منكم
الراوي:
أبو ثعلبة الخشني - خلاصة
الدرجة:
[أشار
في المقدمة إلى صحته] - المحدث:
أحمد شاكر - المصدر:
عمدة التفسير -الصفحة
أو الرقم:
1/748
الفرصة الثالثة
: خمس بقيمة خمسين
أيها الأحبة رابط العلاقة بين العبد وربه هي هذه الصلاة التي تنفي كل وساطة
بين الخالق والمخلوق هي فرصة متاحة وظمنة في
حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال
: أتيت
بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ، ودون البغل ، يضع حافره عند منتهى
طرفه ، فركبته حتى أتيت بيت المقدس، قال : فربطته بالحلقة التي يربط بها
الانبياء ، قال: ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ، ثم خرجت ، فجاء جبريل عليه
السلام باناء من خمر ، وأناء من لبن ، فأخترت اللبن ، فقال جبريل عليه السلام :
اخترت الفطرة ، ثم عرج بنا الى السماء ، فاستفتح جبريل - عليه السلام - فقيل من
أنت ؟ قال جبريل ، قيل ومن معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم - ، قيل : وبعث
اليه ؟ قال : لقد بعث اليه ففتح لنا ، فأذا أنا بأدم عليه السلام - فرحب بي ،
ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا الى السماء الثانية فاستفتح جبريل - عليه السلام -
فقيل من أنت ؟ قال جبريل ، قيل ومن معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم - ،
قيل : وبعث اليه ؟ قال :لقد بعث اليه ففتح لنا ، فأذا أنا بابني الخالة عيسى بن
مريم ، ويحيى بن زكريا ، فرحبا بي ،ودعوا لي بخير ، ثم عرج بنا الى السماء
الثالثة فاستفتح جبريل - عليه السلام - فقيل من أنت ؟ قال جبريل ، قيل ومن معك
؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم - ، قيل : وبعث اليه ؟ قال : لقد بعث اليه
ففتح لنا ، فأذا أنا بيوسف ، اذا هو قد أعطي شطر الحسن، قال فرحب بي ، ودعا لي
بخير - ثم عرج بنا الى السماء الرابعة ، فاستفتح جبريل - عليه السلام - فقيل من
أنت ؟ قال جبريل ، قيل ومن معك ؟ قال :محمد صلى الله عليه وسلم - ، قيل : وبعث
اليه ؟ قال : لقد بعث اليه ففتح لنا ، فأذا أنا بأدريس ، فرحب بي ، ودعا لي
بخير ، قال الله - عزوجل ( ورفعناه مكانا عليا ) - ثم عرج بنا الى السماء
الخامسة ، فاستفتح جبريل - عليه السلام - فقيل من أنت ؟ قال جبريل ، قيل ومن
معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم - ، قيل : وبعث اليه ؟ قال : لقد بعث اليه
ففتح لنا ، فأذا أنا بهارون -عليه السلام - فرحب بي ، ودعا لي بخير ، ثم عرج
بنا الى السماء السادسة ، فاستفتح جبريل -عليه السلام - فقيل من أنت ؟ قال
جبريل ، قيل ومن معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم -، قيل : وبعث اليه ؟ قال
: لقد بعث اليه ففتح لنا ، فأذا أنا بموسى ، فرحب بي ، ودعا لي بخير ، ثم عرج
بنا الى السماء السابعة ، فاستفتح جبريل - عليه السلام - فقيل من أنت ؟ قال
جبريل ، قيل ومن معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم -، قيل : وبعث اليه ؟ قال
: لقد بعث اليه ففتح لنا ، فأذا أنا بأبراهيم مسندا ظهره الى البيت المعمور ،
وأذا هو يدخله كل يوم ، سبعون الف ملك ،لا يعودون اليه ، ثم ذهب الى سدرة
المنتهى ،وأذا ورقها كأذان الفيلة ، واذا ثمرها كالقلال ، قال : فلما غشيها من
امر الله ماغشي ، تغيرت ، فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها ،
فأوحى الى ما اوحى ، ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة ، فنزلت الى موسى ،
فقال : مافرض ربك على أمتك ؟ قلت : خمسين صلاة قال : فأرجع الى ربك ، فأسأله
التخفيف ، فأن أمتك لا يطيقون ذلك ، فأني قد بلوت بني اسرائيل وخبرتهم ، قال :
فرجعت الى ربي ، فقلت : يا رب خفف على أمتي ، فحط عني خمسا ، فرجعت الى موسى ،
فقلت حط عني خمسا ، قال : أن أمتك لا يطيقون ذلك ، فأرجع الى ربك ، فسأله
التخفيف ، قال : فلم أزل أرجع بين ربي - تبارك وتعالى - وبين موسى عليه السلام
- حتى قال الله : يا محمد ، أنهن خمس صلوات ، كل يوم وليلة ، لكل صلاة عشر ،
فذلك خمسون صلاة ، ومن هم بحسنة فلم يعملها ، كتبت له حسنة ، فأن عملها كتبت له
عشرا ، ومن هم بسيئة فلم يعملها ، لم تكتب شيئا ، فأن عملها كتبت سيئة واحدة ،
قال : منزلت حتى انتهيت الى موسى - عليه السلام - فأخبرته / فقال : ارجع الى
ربك فأسأله التخفيف ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - فقلت قد رجعت الى
ربي ، حتى استحييت
منه}
الفرصة الرابعة : لا تضيع المغفرة :
هذه فرصة أخرى متاحة لك أخي الحبيب تحمل لك في طياتها مغفرة ورضوان من عند
الرحمان الديان ،
عن
أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
”إذا كان أول ليلة من رمضان فُتّحت أبواب السماء فلا يغلق منها باب حتى تكون
آخر ليلة من رمضان، وليس عبد مؤمن يصلي في ليلة فيها إلا كتب الله له ألفا
وخمسمائة حسنة بكل سجدة وبنى له بيتا في الجنة من ياقوتة حمراء لها ستون ألف
باب، لكل باب منها قصر موشح بياقوتة حمراء، فإذا صام أول يوم من رمضان غُفر له
ما تقدم من ذنبه إلى مثل ذلك اليوم من شهر رمضان واستغفر له كل يوم سبعون ألف
مَلَك من صلاة الغداة إلى أن توارى بالحجاب، وكان له بكل سجدة سجدها في شهر
رمضان بليل أو نهار شجرة يسير الراكب في ظلها خمسمائة عام“ خرجه البيهقي
الفرصة الخامسة : بركة العمل والزمن :
أخي الحبيب
المسلم يعيش مباركًا في العمل وفي الزمن، وأعظم البركة في العمل الطاعةُ، إذ هي
بركة على أهلها، كما جاء من حديث أبي هريرة رضى الله عنه قول
: ((إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم
بيّن ذلك، فمن هَمَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، ومن هَمَّ
بحسنة فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن
هَمَّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، ومن هَمَّ بسيئة فعملها
كتبها الله سيئة واحدة، ولا يهلك على الله إلا هالك)). وهذا يدلّ على أن الطاعة
بركة في القول، إذ الكلمة الواحدة من الطاعة بعشر حسنات يكتب الله بها رضوانه،
فيحفظ بها عبده حتى يُدخله الجنة، ويرضى عليه في الجنة فلا يسخط عليه أبدًا.
والطاعة بركة في العمل، إذ الصلاة بعشر صلوات، وصوم رمضان بعشرة أشهر، والصدقة
بسبعمائة ضعف، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.
وأعظم الزمن بركة عشر ذي الحجة، إذ لها مكانة عظيمة عند الله تعالى، تدلّ على
محبته لها وتعظيمه لها، فهي عشر مباركات، كثيرة الحسنات قليلة السيئات عالية
الدرجات متنوعة الطاعات، وفضائلها لا تعد ولا تحصى.
ومن فضائلها أنها أفضل أيام الدنيا على الإطلاق، دقائقها وساعاتها وأيامها
وأسبوعها، فهي أحب الأيام إلى الله تعالى، والعمل الصالح فيها أحب إلى الله
تعالى، فهي موسم للربح، وهي طريق للنجاة، وهي ميدان السبق إلى الخيرات، لقوله
: ((ما من أيام العمل الصالح فيها أحب
إلى الله تعالى من هذه الأيام)) يعني: أيام العشر، قالوا: يا رسول الله، ولا
الجهاد في سبيل الله؟! قال: ((ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه
وماله فلم يرجع من ذلك بشيء))، وهذا يدل على أن العمل الصالح في أيام العشر
أفضل من الجهاد بالنفس، وأفضل من الجهاد بالمال، وأفضل من الجهاد بهما والعودة
بهما أو بأحدهما؛ لأنه لا يفضل العمل فيها إلا من خرج بنفسه وماله ولم يرجع لا
بالنفس ولا بالمال.
ومن فضائلها أن فيها يوم عرفة، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة، وهو يوم معروف
بالفضل وكثرة الأجر وغفران الذنب، فهو يوم مجيد، يُعرف أهله بالتوحيد، إذ
يقولون: (لا إله إلا الله)، وقد قال
: ((وخير ما قلت أنا والنبيون قبلي:
لا إله إلا الله وحده لا شريك...))، ويَعرِف الإنسان ضعفَ نفسه، إذ يُكثِر من
الدعاء، ويُلِح على الله في الدعاء، وفي الحديث: ((خير الدعاء دعاء يوم عرفة))،
ويعرف إخوانه المسلمين الذين اجتمعوا من كل مكان في صعيد واحد، ويعرف عدوّه
الذي ما رُئِي أصغر ولا أحقر منه في مثل يوم عرفة، ويعرف كثرة مغفرة الله في
هذا اليوم لكثرة أسباب المغفرة من توحيد الله ودعائه وحفظ جوارحه وصيامه لغير
الحاج، وهو يوم الحج الأعظم، قال
: ((الحج عرفة))، وصومه تطوعًا يكفر
ذنوب سنتين: سنة ماضية وسنة مقبلة.
ومن فضائلها أن فيها يوم النحر، وهو اليوم العاشر من ذي الحجة، وهو أفضل الأيام
كما في الحديث: ((أفضل الأيام يوم النحر))، وفيه معظم أعمال النسك من رمي
الجمرة وحلق الرأس وذبح الهدي والطواف والسعي وصلاة العيد وذبح الأضحية واجتماع
المسلمين في صلاة العيد وتهنئة بعضهم بعضًا.
وفضائل العشر كثيرة لا ينبغي للمسلم أن يضيِّعها، بل ينبغي أن يغتنمها، وأن
يسابق إلى الخيرات فيها، وأن يشغلها بالعمل الصالح.وهنا يأتالمحور الثاني في
كيف اغتنام الفرص ؟
أيها المسلمون، اغتنموا عَشْركم بصالح الأعمال، وفي مقدمتها التوبة إلى الله،
وهي الرجوع إليه سبحانه مما يكرهه ظاهرًا وباطنًا، إلى ما يحبه ظاهرًا وباطنًا،
ندمًا على ما مضى، وتركًا في الحال، وعزمًا على أن لا يعود.
وهي واجبة على المسلم حين يقع في معصية في أي وقت كان؛ لأنه لا يدري في أي لحظة
يموت، ثم إن السيئات يجرّ بعضها بعضًا، والمعاصي تكون غليظة ويزداد عقابها بقدر
فضيلة الزمان والمكان، قال تعالى:
يَا
أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا[التحريم:8].
ومن الأعمال المشروعة في أيام العشر الذكر، قال تعالى:
لّيَشْهَدُواْ
مَنَٰفِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِى أَيَّامٍ مَّعْلُومَٰتٍ
عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ ٱلأنْعَامِ[الحج:28]، هذا للحج ولمن لم يحج فقد
جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أن فقراء المدينة جاءوا إليه يشكون من أغنياهم
فقالوا يارسول الله لقد ذهب أهل التثور بالأجور والدرجات العلى والنعيم المقيم
قال : صلى الله عليه وسلم وما ذاك قالو يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ،
وعندهم فضل من أموالهم فيتصدقون ولا نتصدق ويحجون ولا نحج فقال لهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم ألا أدلكم على أمر إذا فعلتموه أدركتم من سبقكم ، وسبقتم من
معكم ولم يأتي أحد بمثل ما فعلتم إلا رجل فعل فعلتكم قالوا بلى : قال : تسبحون
الله ثلاث وثلاثين وتحمدون ثلاث وثلاثين وتكبرون ثلاث وثلاثين .
ويُكثر في هذه الأيام من قراءة القرآن، فإنه أفضل الذكر، وفيه الهدى والرحمة
والبركة والعظمة والتأثير والشفاء. وليعلم المسلم بأن الذكر هو أحبّ الكلام إلى
الله تعالى، وهو سبب النجاة في الدنيا والآخرة، وهو سبب الفلاح، وحفظ لصاحبه من
الكفر ومن الشيطان ومن النار، به يُذكر العبد عند الله، ويصلي الله وملائكته
على الذاكر، وهو أقوى سلاح، وهو خير الأعمال وأزكاها وأرفعها في الدرجات، وخير
من النفقة، به يضاعف الله الأجر، ويغفر الوزر، وفضائل الذكر كثيرة، قَرَنَه
الله بالحج فقال:
فَإِذَا
قَضَيْتُم مَّنَٰسِكَكُمْ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكْرِكُمْ ءابَاءكُمْ أَوْ
أَشَدَّ ذِكْرًا[البقرة:200]، ولا يتقيّد بزمن ولا
حال، أمر الله به على جميع الأحوال، فقال:
فَإِذَا
قَضَيْتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَٰمًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ
جُنُوبِكُمْ[آل عمران:191].
أخي الحبيب ، أكثِر في هذه الأيام من نوافل الصلوات، وحافظ على الرواتب منها
وأكثر من الصدقة في العشر، إذ الصدقة فيها أفضل من الصدقة في رمضان، وما أكثر
حاجات الناس في العشر من النفقة والاستعداد للحج وللعيد وطلب الأضحية ونحوها،
وبالصدقة ينال الإنسان البرّ، ويُضاعَف له الأجر، ويظلّه الله في ظلّه يوم
القيامة، ويفتح بها أبواب الخير، ويغلق بها أبواب الشر، ويفتح فيها باب من
أبواب الجنة، ويحبه الله ويحبه الخلق، ويكون بها رحيمًا رفيقًا، ويُزكَّى ماله
ونفسه، ويُغفر ذنبه، ويتحرر من عبودية الدرهم والدينار، ويحفظه الله في نفسه
وماله وولده ودنياه وآخرته.
أكثر ـ يا عبد الله ـ من الصيام في أيام العشر، ولو صمت التسعة الأيام لكان ذلك
مشروعًا؛ لأن الصيام من العمل الصالح.
ثم اعلموا ـ عباد الله ـ أنَّ من أراد أن يضحِّي فليُمسِك عن شعره وأظفاره
وبشرته إذا دخلت العشر حتى يضحِّي، ففي صحيح مسلم أن النبي
قال:
((إذا رأيتم هلالَ ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحّي فليُمسِك عن شعره وأظفاره حتى
يُضحّي))، وفي رواية: ((فلا يمسّ من شعره وبشرته شيئًا)). وهذا النهيُ خاصٌّ
بالمضحّي، أما من يُضحَّى عنه من أهل البيت فلا يدخل في هذا النهي، وحتى لو
شاركوا ربَّ البيت في أضحيته.
فاتقوا الله سبحانه وعظِّموا شعائرَه تفلحوا وتسعدوا في الدنيا والآخرة ن وآخر
دعوانا الحمد لله رب العالمين