Checkout

خطب الجمـعة

faheemfb@gmail.com

167

      

 

     
 

     


بسم الله الرحمن الرحيم

تقوى الله والصِّيام

 

كتبها : سالم الفيتوري

ترجمها إلى الإنجليزية : د . فهيم بوخطوة

 

25/07/2014

28 رمضان 1435

 

 

أيها الإخوة والأخوات،، يقول الله عز من قائل: ٰ{ يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ الله وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَـٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:70-71]. في هذه الآية الكريمة يأمرنا الله سبحانه بتقواه في السر والعلانية، في الأفعال والأقوال، وقد وعدنا سبحانه على ذلك صلاحَ الأعمال، ومغفرة الذنوب في الدنيا، والفوز العظيم والفضل الجسيم في الأخرى.

والتقوى هي وصية الله للأولين والآخرين، قال عز من قائل: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ...} [النساء:131.

ففي هذه الآية الكريمة وصى الله سبحانه وتعالى جميع خلقه الأولين ولآخرين بأن يتقوه، وخص سبحانه المؤمنين بوصية التقوى فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} {آل عمران:102].

وقال عز من قائل: {يأيها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر:18].

وعبادة الصيام أيها الإخوة والأخوات تعتبر أهم سبيل للوصول إلى تقوى الله سبحانه، فالصيام له فوائد عديدة، وشرعه الله تعالى علينا لحكم كثيرة، ومن أهمها الوصول للتقوى، فالتقوى هي الثمرة المرجوة من الصيام، قال تعالى:} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {[البقرة:183].

 

والتقوى كما عرفها بعض العلماء: ألا يراك الله حيث نهاك، وألا يفقدك حيث أمرك.

قال طلق بن حبيب: التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله. 

 ومن هنا كان اهتمام الصالحون بالتقوى حيث كانوا يتحققون بها، ويجتهدون لها ويسألون عنها فقد ثبت أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه سأل أبي بن كعب عن التقوى فقال له: أما سلكت طريقا ذا شوك؟ قال بلى! قال فما عملت؟ قال شمرت واجتهدت. قال فذلك التقوى.  

قال الحسن البصري: مازالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيرا من الحلال مخافة الوقوع في الحرام.

وتقوى الله تأهل العبد لأن ينال منشور الولاية، فيكون من أهل الله، وأولياء، وأحبابه؛ قال تعالى: {َلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ} [يونس:62-64].

مرَّ أمام النبي صلى الله عليه وسلم رجل غني ذو أبهة، ويلبس حلة جميلة، سأل الصحابة: ما تقولون في هذا؟ قالوا حريٌ إن تكلم ان يُسمع، وإن نكح ان يُنكح، وإن شفع أن يُشفع. ثم مر بعد ذلك رجل فقير، قال: وما تقولون في هذا؟ قالوا: حري إن تكلم ألا يُسمع، وإن نكح أن لا يُنكح، وإن شفع ألا يُشفع، فقال صلى الله عليه وسلم: لهذاـ يعني هذا الفقيرـ خير من ملء الأرض من مثل هذا.  البخاري.

إذن مقاييس البشر لا تنفع، وإنما المقاييس مقاييس رب البشر سبحانه وتعالى. ولذلك من الممكن أن نجد إنسانا فقيرا جدا ومعدما، لكنه عند الله عز وجل لوأقسم على الله لآبره كما جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رُب أشعث أغبر ذي طمرين لوأقسم على الله لأبره". رواه مسلم.

وفي رواية التُرمذي بسند صحيح، قال قال صلى الله عليه وسلم: "كم من أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب لوأقسم على الله لأبره منهم " البراء بن مالك". الترمذي وصححه الألباني.

هذا أيها الأخوة والأخوات هو المقياس الرباني، ليس مقياس البشر وإنما مقياس رب البشر، وفي المقابل كما في صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: إنه ليأتي الرجل السمين العظيم، فيوضع في الميزان يوم القيامة فلا يزن عند الله جناح بعوضة.

أيها الإخوة والأخوات: تقوى الله تعالى هي الغاية المأمولة التي يتطلع لها المؤمنون أن تتحقق لهم كثمرة لصيامهم شهر رمضان، إذ ليس المقصود من الصيام في شهر رمضان تعذيب النفس بمنعها عما جبلت عليه من طعام وشراب وشهوة، ولا عما فرض عليها من بعد عن أذى ولغو ورفث وفسوق وعصيان، وإنما المقصود هو الوصول إلى مقام المتقين؛ ولهذا جاء في الحديث:" من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" رواه البخاري.

 وقال أيضا: “رب صائم حظه من صيامه الجوع ورب قائم حظه من قيامه السهر". صححه الألباني في صحيح الترغيب

فأكثر الناس وسعادة في الدارين هم المتقون، فالهدى للمتقين، والموعظة للمتقين، والأرض كلها لله يورثها من يشاء من عباده ولكن العاقبة دائما وأبدا للمتقين الذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص:83].

عن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كان يقول: "اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

 


faheemfb@gmail.com   فهيم أبوخـطـوة ،، البريد الإلكتروني