Checkout

خطب الجمـعة

faheemfb@gmail.com

98

      

 

     
 

     


بسم الله الرحمن الرحيم

شعبان الإيمان بالملائكة (الجزء 2)

 

كتبها : الشيخ يونس صالح

ترجمها إلى الإنجليزية: د . فهيم بوخطوة

   

01 جمادى الأولى 1430

01  مـايـو 2009

   

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونتوب إليه ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، أما بعد

 

تحدثنا عن علاقة الملائكة ببني آدم بشكل عام لكن هنا لابد من التوضيح لعلاقتهم المباشرة بالمؤمنين من جهة أو بالكفار والمنافقين والعصاة من جهة أخرى.

فأما مع المؤمنين فإنهم يحبون الصالحين كما قال عند البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال: ((إن الله تبارك وتعالى إذا أحب عبداً نادى جبريل:إن الله قد أحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل. ثم ينادي جبريل في السماء:إن الله قد أحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ويوضع له القبول في الأرض)).

 

والملائكة يصلون على المؤمنين (هُوَ ٱلَّذِى يُصَلّى عَلَيْكُمْ وَمَلَـئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً )[الأحزاب: 43]. ومعنى الصلاة على المؤمنين الدعاء لهم والاستغفار لهم، فمن منا غني عن هذا الفضل العظيم، لاشك أننا كلنا نريد ذلك. لكن السؤال من هم الذين يستحقون هذا الفضل العظيم العجيب.

هل هم العصاة، المرابون، الزنا، شاربو الخمر والمخدرات، مضيعو الصلوات وصلوات الجماعة، هل هم الذين يعلمون الناس الفساد والتمرد على حدود الله.

المستهزئون بالدين وأهله؟ لا. تعالوا بنا نستعرض بعض الذين يستحقون هذه النعم العظيمة.

 

في صحيح الجامع وعند الطبراني والترمذي عن أبي أمامة أنه قال:إن الله وملائكته، حتى النملة من جحرها، وحتى الحوت في البحر، ليصلون على معلم الناس الخير، (صحيح الجامع2/ 133). أيضاً الذي لايفرط في صلاة الجماعة ويحافظ عليها تصلي عليه الملائكة، عند مسلم أنه قال: ((إن الملائكة تصلي على الذي يأتي المسجد للصلاة فتقول:اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، ما لم يؤذ فيه، ما لم يحدث فيه)) وأيضاً الذين يصلون في الصف الأول، ففي سنن أبي داود وابن ماجه عن البراء قال: قال: ((إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول)). [صحيح الجامع2/133]. أيضاً : الذين يجلسون في مصلاهم بعد الصلاة، أبو داود عن أبي هريرة قال: قال: ((الملائكة تصلي على أحدكم مادام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث أو يقم: اللهم اغفر له اللهم ارحمه)) [صحيح الجامع 6/21]. وأيضاً الذين يسدون الفرج بين الصفوف فعند ابن ماجه عن عائشة أنه قال: ((إن الله تعالى وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف، ومن سد فرجة رفعه الله بها درجة)) [صحيح الجامع 2/135].

أيضاً الذين يصلون على النبي صلَّ الله عليه وسلّم فقد روى الإمام أحمد عن عامر بن ربيعة أن رسول الله صلَّ الله عليه وسلّم قال: ((ما من عبد يصلي عليّ إلا صلت عليه الملائكة، ما دام يصلي علي، فليقل العبد من ذلك أو ليكثر)) [صحيح الجامع: 5/174]. أيضاً الذين يزورون المرضى فعن جابر. . أنه صلَّ الله عليه وسلّم قال: ((ما من امرئ مسلم يعود مسلمًا إلا ابتعث الله سبعين ألف ملك، يصلون عليه في أي ساعات النهار كان حتى يمسي، وأي ساعات الليل كان حتى يصبح)) [صحيح الجامع 5/115].

 

ولنعلم أيها الأخوة أن صلاة الملائكة علينا لها تأثير في هدايتنا وإخراجنا من ظلمات المعاصي والشرك والذنوب إلى النور الذي يحتاجه كل منا، لقد قال الله (هُوَ ٱلَّذِى يُصَلّى عَلَيْكُمْ وَمَلَـئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ ).

 

كذلك الملائكة يؤمنون على دعاء المؤمنين، وبذلك يكون الدعاء أقرب إلى الإجابة، لهذا يقول صلَّ الله عليه وسلّم فيما رواه ابن ماجة عن أبي الدرداء:قال: ((دعوة المرء مستجابة لأخيه بظهر الغيب، عند رأسه ملك يؤمن كل دعائه، كلما دعا له بخير قال: آمين، ولك بمثله)). كذلك الملائكة يستغفرون للذين آمنوا، وهذا واضح في قول الله (وَٱلْمَلَـٰئِكَةُ يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِى ٱلأرْضِ أَلاَ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ )[الشورى: 5. وهم يبحثون عن المؤمنين في مجالس الذكر حتى يحضروا معهم فعند الإمام مسلم عن أبي هريرة قال قال صلَّ الله عليه وسلّم : ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده)).

 

وهناك من الملائكة من يبحث عن المؤمنين الذين يحضرون صلاتي العصر والفجر مع الجماعة ويسجلون أسماءهم ويصعدون بها إلى السماء . روى البخاري عن أبي هريرة قال: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة العصر والفجر، ثم يعرض الذين يأتو باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم فيقول: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون)). وهم يقاتلون مع الذي الذين آمنوا (إِذْ يُوحِى رَبُّكَ إِلَى ٱلْمَلَـئِكَةِ أَنّي مَعَكُمْ فَثَبّتُواْ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ سَأُلْقِى فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلاعْنَـٰقِ وَٱضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ) [الأنفال : 12]. ولهم أعمال أخرى مع المؤمنين لا يتسع المجال لذكرها الآن.

 

المهم أيها الأخوة إن متابعة الملائكة فيما أمر الله ورسوله لن تأتي إلا بخير للإنسان. فمثلاً عند البخاري (إذا قال الإمام: آمين، فإن الملائكة تقول في السماء: آمين، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)).

وعند البخاري أيضاً عن أبي هريرة أنه قال: ((إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، فإن من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)) لهذا علينا أن نؤمن بالملائكة أيها الأخوة وأن نوقرهم ونحترمهم ونحبهم وأن نبتعد عما يؤذيهم، وأكثر ما يؤذيهم هو فعل المعاصي والذنوب:لهذا الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب أو صورة، أو تمثال أو جنب أو سكران كما اتضح في أحاديث كثيرة منها قوله: ((لا يدخل الملائكة بيتاً فيه صورة ولا كلب ولا جنب)).

ويتأذون مما يتأذى منه بني آدم من الروائح الكريهة والأقذار فعند البخاري ومسلم أنه قال: ((من أكل الثوم والبصل والكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم)). وهكذا. أما موقفهم من الكفرة فهو لعنهم كما قال الله (إِن ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ ٱللَّهِ وَٱلْمَلـئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ )[البقرة: 161]. أو قد يؤمرون بإنزال العذاب بهم كما ورد في قوم لوط وغيرهم.

 

والملائكة لا تلعن الكفرة فقط بل قد تلعن من يفعل ذنوباً معينة حتى وإن كان من المسلمين كما عند البخاري قوله: ((إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح)). كذلك عند مسلم عن أبي هريرة قال: قال: ((من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه وإن كان أخاه لأبيه وأمه)).

كذلك الذين يحدثون في دين الله ويخرجون على أحكامه ويحولون دون تطبيق شرع الله تلعنهم الملائكة كما قال: ((من أحدث حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)) [صحيح الجامع 6/8] وغير ذلك كثير.

 

وأعتقد أيها الأخوة أن ما قلته قد يكون كافياً لنا جميعاً في معرفة هذا الركن العظيم من أركان الإيمان الذي نحن مطالبون به وبتطبيقه وأسأل الله أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

 


faheemfb@gmail.com   فهيم أبوخـطـوة ،، البريد الإلكتروني