Checkout

خطب الجمـعة

faheemfb@gmail.com

109

      

 

     
 

     


بسم الله الرحمن الرحيم

الصوم وتزكية النفس

 

الشيخ: إبراهيم جابر

الترجمة: د . فهيم بوخطوة

 

08 رمضان 1430 هـ

28 أغسطس 2009 مـ

 

الحمد لله الذي فتح في شهر رمضان أبواب الجنّة ، وجعل صومه وقاية من النار وجُنّة . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، جَمَّـل نهاره بالصوم وليله بسُنَّة القيام . وأشهد أنّ سيدنا محمداً عبد الله ورسوله ، وصفيّه من خلقه وحبيبه .

نبينا الآمـر الناهي فــلا أحـد          أبـرّ في قـولٍ لا مـنه ولا نـعم

أَنْسِبْ إلى ذاته ما شئت من شرف          وأنسب إلى قدره ماشئت من عظم

فإن فـضل رسـول الله ليـس له          حـدٌ فيعـرب عنه ناطق بـفـم

صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدِّين

      أمّا بعد ،

عباد الله ، من أجَلِّ الفرائض التي فرضها الإسلام فريضة الصوم الذي هو أحد أركان الإسلام ، ومن أعظم دعائم الإيمان التي تُِـقرّب العبد من مولاه . والصوم يهذّب النفوس ، ويكُـفّها عن الطغيان ويمنعها عن الشهوات ويبصّرها بحقيقة وشدّة حاجتها إلى الطعام الذي هو من بعض نِعَم الله عليها ، فتخشع وتخضع لله ربّ العالمين . وقال أحمد شوقي: "الصوم حرمان مشروع ، وتأديب بالجوع ، وخشوع لله وخضوع . لكل فريضة حكمة وفرض الصوم ظاهره العذاب وباطنه الرحمة . يستثير الشفقة ، ويحض على الصدقة ، ويكسر الكِبر ، ويعلم الصبر ويَسُنَّ خلال البِرْ حتى إذا جاع من ألِفَ الشبع ، وحُرِم المترف أسباب المُتَعْ ، عرف الحرمان كيف يقع ، وألم الجوع إذا لذع" .

 

نعم ، إنّ الصوم حرمان مشروع . حرمان للنفس حتى من الحلال والطيّبات . لكنه مشروع وذلك إمتثالاً لأمر الله ، وإنقياداً له تعالى وذلك من طلوع الفجر إلى غروب الشمس . وتأديب بالجوع تأديب للنفس لتعلم قدر نعمة الله عليها . وحاجتها إلى الطعام الذي هو من بعض نِعَمِ الله عليها . وليعلم الإنسان أنه مهما أوتي من قوّة فإنّه ضعيف أمام قدرة الله تعالى . وصدق الله حين يقول: {وخلق الإنسان ضعيفا} . والنفس البشرية تشوق إلى الركوض والخمول ، وتريد الزيادة من الطعام والشراب ، وما علمت أن السُّمَّ في الدسم . وما علمن كذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: {ما ملآ إبن آدم وعاءاَ أشر من بطنه} . وقال الإمام البوصيري رحمه الله:

 

كـم حسـنت لـذّة للـمرء قاتـلة         من حيث لم يدر أن السُمّ في الدسم

والنفس كالطفل إن تهمله شبّ على         حب الرضاع وأن تفـطمه ينفطم

إخوة الإيمان والإسلام ، لكل فريضة حكمة ، وفرض الصوم ظاهره العذاب وباطنه الرحمة . فاصوم فيه مشقّة ولكن في باطنه الرحمة . وأنّ الصائم يُشْبه حال الملائكة يستثير الشفقة ويحض على الصدقة ، فيه دعوة التكامل الإجتماعي والتعاون الإجتماعي التي تدعو إليه الدّول والشعوب ، والذي دعانا الإسلام إليه من آلاف السنين . الصوم يحث على الرحمة والتعاون والمودّة بين أفراد المجتمع المسلم كي يكون مجتمع مترابطاً متعاوناً كما قال الله تعالى: {وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} . وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم : {مثل المؤمنون في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى} . يكسر الكِبَرْ ، ويعلم الصبر الذي هو نصف الإيمان ويسُن خلال البِرّ والخير لدى الإنسان . حتى إذا جاع من ألِفَ الشبع ، وحُرِمَ المُترف أسباب المُتَع ، عرف الحرمان كيف يقع ، وألم الجوع إذا لذع .

وهنا نداء ودعوة للأغنياء وحث لهم على الصقة على الفقراء والمساكين . فإذا ما صام المسلم الذي يعيش في يسر وشعر بآلام الجوع والعطش في رمضان ، عَلِمَ كيف يعيش الفقير وكيف يكون حال الفقراء واليتامى والمساكين ، ومدى حاجتهم إلى الطعام فيتصدّق الغني ويأتي بما يملك يجود على الفقراء طيبة بها نفسه .

كان نبي الله يوسف عليه السلام يجوع يوما ويشبع يوما فقيل له لما ذلك فقال: أخاف أن أشبع فأنسى الجائع .

ولعظم الصيام وحرمته من الأركان جعله الله عزّ وجلّ كفّارة لكثير من المعاصي التي يأتي بها العبد . فجعله كفّارة لمن أفطر عامداً في رمضان وكفّارة للقتل الخطأ، وكفّارة للظهار واليمين . والصوم فيه مغفرة للذنوب والآ ثام . قال النبي صلى الله عليه وسلم: {من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه} . وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والحمدل لله ربّ العالمين .

 


faheemfb@gmail.com   فهيم أبوخـطـوة ،، البريد الإلكتروني