Checkout

خطب الجمـعة

faheemfb@gmail.com

170

      

 

     

 

     


بسم الله الرحمن الرحيم

فضل الأيام العشر الأوَل من ذي الحجة ، والأضحية 3

 

كتبها : الشيخ  عبد الرزّاق طاهر فارح

ترجمها إلى الإنجليزية : د . فهيم بوخطوة

 

04 ذي الحجة 1436

18 سبتمبر 2015 

 

أحبتي في الله ، فإننا في أيّام مباركة . أيام أقسم الله جلّ وعلا بشرفها وفضلها ، ولأنّه جلّ علاه يُقسم بما شاء من خلقه . ولا يُقسم إلا بشيئ  له شأن. يُلفت العباد إليه . ولأجل أن يتنبّه العباد لها . وهي أيّام معلومات : واذكروا إسم الله في أيّام معدودات. وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كما في حديث إبن عمر: {ما من أيّام أعظم عند الله ولا أحبُّ إليه العمل فيهن من هذه الأيّام العشر}. ومن فضائل هذه العشر أنّها تشتمل على يوم عرفة ، اليوم التاسع منها. وهي يوم الأبرعاء القادم. واسمع ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم معرفة لغير الحاج، أي الذي لم يقدر الله جلّ وعلا أن يحج هذا العام كما في صحيح مسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه عندما سُئِل النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة فقال: {صيام يوم عرفة يكفِّر السّنة الماضية والباقية}. وهذا فضل عظيم من الله جلّ وعلا فينبغي للمسلم أن يستفيد من هذه الأيّام المباركة لأن من حفظ دنياه بطاعة الله حفظ الله له آخرته، ووجد ما قدّمه مُدّخراً ومضاعفا عند الله عزّ وجل. ومن ضيّع دنياه ضاعت آخرته، وخسر الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين.

 

ما هي الأضحية ؟؟ أيها الأفاضل ، الأضحية هي ما يُذبح من الإبل والبقر والغنم يوم العيد أيّام التشريق تقرّباً إلى الله تعالى. قال جلّ وعلا: {إنّا أعطيناك الكوثر . فصلِّ لربّك وانحر . إن شانأك هو الأبتر}108. وقال جلّ وعلا {والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير}. وقد ضحى الرسول صلى الله عليه وسلم، وضحى المسلمون من بعده وأجمعوا على ذلك . ولقد إختلف أهل العلم في حكم الأضحية. من علمائنا من قال أنها واجبة على المسلم القادر. ولكن جمهور أهل العلم يرون أن الأضحية سُنّة مؤكّدة، ويُكره تركها مع القدرة. ففي الصحيحين من حديث أنس أنه رضي الله عنه قال ضحّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ، ذبحهما بيده وسمّى وكبّر. وفي الحديث الذي رواه أحمد وداوود والترمذي وغيرهم بسند صحّحه شيخنا الألباني، ومن حديث جابر إبن عبد الله رضي الله عنه قال: ضحَّي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: اللهم هذا عنِّي وعن من لم يضحِّي من أمّتي. وفي رواية الحاكم في المستدرك بسند صحيح على شرط الشيخين من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أيضاً قال: صليّت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأضحي فلمّا نزل النبي صلى الله عليه وسلم من على منبره، ضحّى وقال: {بسم الله والله أكبر، اللهم هذا عنّي وعن من لم يضحّي من أمتي}. وفي رواية مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنّه صلى الله عليه وسلم أمر بكبشن ليُضحِّي به، ثم نادى على عائشة وقال: {هَلمِّي المدية (أي هاتِ السِّكِّين) يا عائشة، ثم اشحذيها بحجر} ثم أضجع النبي صلى الله عليه وسلم الكبش وذبحه وهو يقول: {بسم الله، اللهم تقبَّل  من محمد وآل محمد وأمّة محمد}.

 

ومن شروط الأضحية أن تكون بعد صلاة العيد. ففي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: {من ذبح قبل الصلاة فإنّما يذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد أصاب سُنَّتنا وتمّ نُسُكَه أو وتم نُسُكُهُ وأصاب سُنَّة المسلمين}. فلا يجوز للمسلم أن يُضحِّي قبل صلاة العيد، والإ فهو لحمٌ قدَّمه لنفسه والمسلمين، وليس له من النُّسُك في شيء. وما أحوجنا إلى أن نتعلم الآن هدي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

ومن شروط الأضحية أيضا أيها الفاضل أن تكون طيِّبة ومُبَرَءَةً من كل عيب. روى الإمام أحمد وأبو داود والتمذي والنسائي وإبن ماجه وهو حديث صحيح من حديث براء أبن عازب رضى الله عنه أن النبي صلى الله ليه وسلم قال: {أربعةُ لا يجزين في الأضاحي: العوراء البيِّن عورها، المريضة البيِّن مرضها، والعرجاء البيِّن ظلعها، والكسيرة التي لا تنقى}. هذا الحديث يكفي لتختار الطِّيّب لتقدمه لربك تبارك وتعالي}.

 

أيها الأحبّة فما سنُّ المجاز في الأضحية؟ قال صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي رواه مسلم من حديث جابر إبن عبد الله رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام: {لا تذبحوا إلا مُسِنَّة، إلا أن يعسُر عليكم، فاذبحوا جَذَعّة من الضّأن}. والمُسِنَّة هي يَنِيَّة من كل شيئ، من الإبل والبقر والغنم. فالثَّنية من الإبل ما لها خمسُ سنوات ودخلت في السادسة. فالثَّنية من البقر ما لها سنتان ودخلت في الثالثة. والثَّنِيَّة من الغنم ما لها سنة ودختلت في الثّانية. فإذا تعسَّر على أحدكم أن يجد الأضحية من هذه السِّن من الضأن فاذبحوا جَذَعَة. والجذعة ما لها ستَّة أشهر عند جمهور أهل العلم بنص حديث جابر.

 

عباد الله ،، قد علمنا أحكام الأضحية،، فما هي الحِكمة من الأضحية؟

الحكمة أن الله جلّ وعلا قد شرَع الأضحية للتوسعة على فقراء المسلمين في يوم العيد وأيَّام التشريق. قال تعالى: {فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير}. وشرعها كذلك لتكون إحياءً لذكرى خليل الله إبراهيم. وقد شاء الله أن يجعل هذه السُّنة باقيةً إلى يومالقيامة في ذرِّية إسماعيل من أمّة محمد صلى الله عليه وسلم.

 

ويا من منَّ الله عليه بالمال، ووسّع الله تبارك وتعالى عليه بالحلا الطيَّب، لا تحرم نفسك من هذا الخير. واعلم أن الملك الحقيقي هو ما تُقدِّم في حياتك. أمَّا ما تتركه من مال ليس لك، بل هو للورثة. وستُسأل أنت بين يدي الله جلّ وعلا. فقدِّم أخي الحبيب لنفسك، ووسِّع وسَّع الله عليك.ولا ننسى إخوانك فالمحتاجون في كل مكان، وخاصةً السوريين. يا أيها النّاس أنتم الفقراء إلى الله، والله هو الغني الحميد، إن يشأ يُذْهِبكم ويأت بخلق جديد، وما ذلكعلى الله بعزيز.

 

أقول قولي هذا وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمد رسول الله.

 

 

 


faheemfb@gmail.com   فهيم أبوخـطـوة ،، البريد الإلكتروني