Checkout

خطب الجمـعة

faheemfb@gmail.com

182

      

 

     

 


بسم الله الرحمن الرحيم

الأضحية ، وفضل يوم عرفة

 

كتبها : الشيخ  عبد الرزّاق طاهر فارح

ترجمها إلى الإنجليزية : د . فهيم بوخطوة

 

07  ذو الحجّة 1437

09  سبتمبر 2016

 

أما بعد ،،

فما زلنا في الأيّام المباركة التي أقسم الله بفضلها وشرفها، وأنّ العمل فيها أحبُّ إلى الله في هذه الأيّام. وأنَّ يوم الأحد القادم سوف يقف الحجّاج بعرفات. وسوف يعتق الله أهل ذلك الموقف من النّار ويغفر لهم. وأمّا لغير الحاجّ فإنّ الله يغفر بصيامه (يوم عرفة) للسنة الماضية والسنة الباقية. كما قال في صحيح مسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه: سُأل النبي صلي الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة، فقال: {يُكفِّر السَّنة الماضية والباقية}. فينبغي أن نستفيد من هذه الأيام المتبقية. أسأل الله أن يتقبل مني ومنكم، وأن يغفر لي ولكم.

أحبتي في الله ،،

الأضحية وفضل يوم عرفة، هذا هو عنوان لقائنا مع حضراتكم في هذا اليوم الأغر المبارك.

أولاً، ما هي الأضحية؟ الأضحية، أيها الأفاضل هي ما ذُبح من الإبل والبقر والأغنام يوم العيد أو أيام التشريق تقرُّباً إلى الله تعالى. قال جلّ وعلا: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ  (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} 108:1. وقال جلّ وعلا: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖفَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ۖ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ كَذَ‌ٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}  22:36

وقد ضحَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم وضحَّى المسلمون من بعده، وأجمعوا على ذلك. ولقد إختلف أهل العلم في حكم الأضحية. فمن علمائنا من قال أنها واجبة على المسلم القادر.  لكن جمهور أهل العلم يرون أن الأضحية سُنَّةٌ مؤكَّدة، ويُكره تركها مع القدرة. ففي الصحيحين من حديث أنس أنَّه رضي الله عنه قال: ضحَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده، وسمَّى وكبَّر. وفي الحديث الذي رواه أحمد وداوود والترمذي وغيرهم بسندٍ صحَّحه شيخنا الألباني في "إرواء الغليل" من حديث جابر إبن عبد الله رضي الله عنه، قال: ضحَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: {اللهم هذا عنِّي وعن من لم يُضحِّي من أمَّتي}. وفي رواية الحاكم في المستدرَك بسند صحيح على شرط الشيخين وأقَرِّ الحاكم الذهبي من حديث جابر إبن عبد الله رضي الله عنهما أيضا، قال: صلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأضحى، فلمّا نزل النبي لى الله عليه وسلم من على منبره ضحّى وقال: {بسم الله ، والله أكبر. اللهم هذا عنِّي وعن من لم يُضحِّي من أمّتي}. وفي رواية مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنّه صلى الله عليه وسلم أمر بكبش ليُضحِّي به، ثم نادى على عائشة وقال: {هَلُمِّي الـمُدية يا عائشة (أي هاتِ السِّكين)، ثم إشحذيها بحَجَر}، ثم أضجَعَ النّبي الكبش وذبَحَه وهو يقول: {بسم الله، اللهم تقبَّل من محمدٍ وآلِ محمد، وأمَّة محمد} صلى الله عليه وسلم.

ومن شروط الأضحية أن يكون النحر بعد صلاة العيد. ففي الصّحيحين أنّه صلى الله عليه وسلم قال: {من ذبح قبل الصلاة فإنّما يذبح لِنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد أصاب سُنَّتنا، وتم نُسُكه (أو وتَمَّ نُسُكه وأصاب سُنَّة المسلمين)}. فلا يجوز للمسلم أن يُضحِّي قبل صلاة العيد، وإلاّ فهو لحمً قدَّمه لنفسه والمسلمين، وليس له من النُّسُك في شيء. وما أحوجنا إلى أن نتعلم الآن هدي سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن شروط الأضحية أيضا أيُّها الأفاضل أن تكون طيِّبة ومُبرءة من كلّ عيب. روى الإمام أحمد وأبو داوود والترمذي والنّسائي وإبن ماجه، وهو حديثٌ صحيح من حديث براء إبن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {أربعةٌ لا يُجزن في الأضاحي، العوراء البيِّن عورها، والمريضة البيِّن مرضها، والعرجاء البيِّن ظلعها، والكسيرة التي لا تنقى{. هذا الحديث يكفي لتختار الطّيِّب لتقدمه لِرَبِّك تبارك وتعالى.

 

أيُّها الأحبّة، فما هو سِنُّ الجائز في الأضحية؟ قال صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي رواه مسلم من حديث جابر إبن عبد الله رضي الله عنه، قال عليه الصلاة والسلام: {لا تذبحوا إلا مُسِنَّة، إلا أن يعسُر عليكم، فتذبحوا جَذَعَة الضأن}. والـمُسِنَّة هي ثَنِيَّةُ من كل شيء من الإبل والبقر والغنم. فالثّنية من الإبل ما لها خمسُ سنوات دخلت في السادسة. والثّنية من البقر ما لها سنتان، ودخلت في الثالثة. والثّنية من الغنم ما لها سنة، ودخلت في الثانية. فإن تعسَّر على أحدكم أن يجد الأضحية من هذا السنِّ من الضأن فاذبحوا جذعة. والجذعة ما لها ستة أشهر عند جمهور أهل العلم بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

عباد الله، قد علمنا أحكام الأضحية،، فما هي الحِكمة من الأضحية؟

الحكمة أنّ الله عزّ وجلّ قد شرع الأضحية للتوسعة على فقراء المسلمين في يوم العيد وأيّام التشريق. قال تعالى:  {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} 22:28. وشرعها كذلك لتكون إحياءً لذكرى خليل الله إبراهيم. وقد شاء الله جلّ وعلا أن يجعل هذه السُّنَّة باقيةً إلى يوم القايامة في ذُرِّية إسماعيل من أمّة محمداً صلى الله عليه وسلم.

ويا مَنْ مَنَّ الله عزّ وجل عليه بالمال، ووسَّع الله تبارك وتعالى عليه بالحلال الطّيِّب، لا تحرم نفسك من هذا الخير. واعلم أن مالك الحقيقي هو ما تُقدِّم في حياتك. أمّا ما تتركه من مال فإنّه ليس لك، بل هو للورثة. وستُسأل أنت بين يدي الله جلّ وعلا. فقدِّم أخي الحبيب لنفسك، ووسِّع، وسَّع الله عليك. ولا تنس إخوانك المحتاجين في كل مكان، وخاصةً في سوريا.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ  الْحَمِيدُ (15) إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَ‌ٰلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (17)} 25:15

 

أقول قولي هذا وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمد رسول الله.

 

 

 


faheemfb@gmail.com   فهيم أبوخـطـوة ،، البريد الإلكتروني