خطب الجمـعة |
![]() |
|
181 |
بسم الله الرحمن الرحيم
العشر الأُوَلْ من ذي الحجّة
كتبها : الشيخ عبد الرزّاق طاهر فارح
ترجمها إلى الإنجليزية : د . فهيم بوخطوة
30 ذو القعدة 1437
02 سبتمبر 2016
أحبتي في الله ،،،
ها نحن قد وصلنا العشر الأوائل من ذي الحجّة. فهيم أيام مباركة، أيام أقسم بها الله جلّ وعلا لشرفها وفضلها ، لأنّه جلّ وعلا يُقسم بما يشاء من خلقه، فقال جلّ وعلا: {وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)} 89:1. ولا يُقسم إلا بشيءٍ له شأنٌ. يُلفت العباد إليه. ولأجل أن يتنبّه العباد لها. وهي أيّام معلومات كما قال جلّ وعلا: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ} 203:2. قال إبن عبّاس: هي أيام العشر من ذي الحجّة. وكما في الحديث الصحيح الذي وراه البخاري وابو داوود والترمذي وغيرهم من حديث إبن عبّاس رضي الله عنهما أن النّبي صلى الله عليه وسلم قال: {ما من أيّام العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله علا وجلّ من هذه الأيّام}. يعني أيام العشر من ذي الحجّة. قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله. قال: {ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك من شيء}. والسؤال: لماذا العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله في هذه الأيّام؟ إسمع ما قال حافظ إبن حجر رحمه الله تعالى: لأنّ هذه الأيّام تشتمل على أمّهات العبادات من الصّلاة والصيام والحجّ والصّدقة. ولا يأتي ذلك في غيرها. ومن أفضل الأعمال الصّالحة: الصِّيام. لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر من الصيام هذه الأيّام. وهو الذي قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخذري رضي الله عنه أن النّبي صلى الله عليه وسلم قال:{ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النّار سبعين خريفاً} أي سبعين عاماً.
وفي هذه الأيّام أمرنا نبيّنا صلى الله عليه وسلم أن نكثر فقال: {فأكثروا فيهن من التكبير والتهليل والتحميد}. ويُستحب في هذه الأيّام أيضاً التكبير. والتكبير على نوعين، منهه التكبير المطْلق وهو منذ أن تدخل العشر يكثر التكبير. والنوع الثاني هو التكبير المقيّد، وهو في حق غير الحاج من فجر يوم عرفة. يبدأ التكبير ما بعد الصلوات. يرفع المكبِّ بذلك صوته، إلى صلاة العصر في آخر أيّام التشريق. فهذان الذكر المقيّد والمطْلق، ويُستحب الإكثار منهما في هذه الأيام العشر.
عباد الله ،، لهذه الأيام العشر أحكامٌ خاصة ، منها أنّه إذا دخلت العشر، وأراد أحدٌ أن يُضحِّي، فلا يأخذ من شعره وأظافره. وفي رواية: ولا من جلده. كما في صحيح مسلم وغيره من حديث أمّ سلمة ان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك. وقيل في حكمة ذلك أنّه لما إمتنع الحاجُّ خلال إحرامه من أن يأخذ من شعر وأظافره حتى يذبح هديه، أو تى يرمي الجمرة ويتحلل، فإنّ غير الحاج مأمور أن يَشرُك الحاج في مثل ذلك.
أحبتي في الله ، من فضائل هذه العشر أنها تشتمل على يوم عرفة وهو اليوم التاسع منها. حيث يقف الحجَّاج بعرفات. يومٌ عظيمٌ كريم. ففي صحيح مسلم من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {ما من يوم أكثر من أن يَعتق الله فيه عبيداً من النّار من يوم عرفة}. اللهم إجعلنا من عُتقائك من النّار. تذكّر كلام نبيِّك المختار، وإنّه ليدنوا جلّ جلال الله، يدنو بما يليق بجلاله وكماله. فكل ما دار ببالك، والله بخلاف ذلك. ليس مثله شيء، وهو السميع البصير. وإنّه ليدنو حتى يُباهي بهم. أي يباهي بالحجّاج ملائكته فيقول جلّ جلاله: ما أراد هؤلاء الذين أتوا ربهم جلّ وعلا شُعْثا غُبْراً من كلِّ فجِّ عميق يسألونه سبحانه وتعالى ويتضرّعون إليه أن يغفر لهم. وفي رواية في موطأ إمام مالك وإن كان سندها مُرْسلاً لكنّه له شُهاد موصول، أنه صلى الله عليه وسلم قال: {ما رُؤيَ الشيطان يوماً أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة}. وذلك لما يرى من تَنَزُّل رحمة الله عزّ وجلّ، وتجاوز الله عن الذنوب العظام. هذا بالنِّسبة للحجاج. ويا من لم يقدِّر الله لك الحج، ماذا عليك؟ عليك أن تتقرّب إلى الله تبارك وتعالى بالطاعات والقربات. فالصِّيام طاعة، وقراءة القرآن طاعة، والذِّكر طاعة. عليك أن تصوم وتحرص على صيام يوم عرفة. إسمع ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يُبشِّر غير الحاج، أي الذي لم يقدِّر الله له أن يحج هذا العام، كما في صحيح مسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه قال: سُئِل النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة فقال: {يُكفِّر السّنة الماضية والباقية}. وهذا فضل عظيم من الله جلّ وعلا. فينبغي للمسلم أن يستفيد من هذه الأيّام المباركة، لأن من حفظ دنياه بطاعة الله حفظ الله له آخرته، ووجد ما قدَّمه مُدَّخرا ومضاعفا عند الله عزّ وجلّ. ومن ضيّع دنياه، ضاعت آخرته. خسر الدنيا والآخرة. ذلك هو الخسران المبين.
أقول قولي هذا وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمد رسول الله.
faheemfb@gmail.com فهيم أبوخـطـوة ،، البريد الإلكتروني