| 
     خطب الجمـعة |  | 
     | 184 | 
| 
 | |||
بسم الله الرحمن الرحيم
عيسى المسيح ابن مريم
كتبها : الشيخ عبد الرزّاق طاهر فارح
ترجمها إلى الإنجليزية : د . فهيم بوخطوة
15 ربيع الثاني 1438
13 يناير 2017
أحبتي في الله ،،،
إننا نعتقد إعتقاداً حاسماً بأن عيسى، على نبيِّنا وعليه الصلاة والسلام، هو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم ، وروح منه. نؤمن بعيسى إبن مريم كما نؤمن بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. بل لا يصلح دينٌ لمسلم ولا مسلمة على وجه الأرض إلا إذا آمن بعيسى عبد الله ورسوله كما آمن بمحمد عبد الله ورسوله. ولا نُكذِّب أحد من أنبياء الله ورسله ، بل ولا نفرِّق بين أحدٍ من أنبياء الله ورسله. نؤمن بجميع أنبياء الله ورسله. قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} 2:285. بل نعتقد أن من كذَّب وكفر بأحد من أنبياء الله ورسله فقد كذّب وكفر بجميع الأنبياء والمرسلين. فقد أخبرنا ربنا تبارك وتعالى في القرآن أن قوم نوح ما كذّبوا إلا نوحا وحده عليه السلام. ومع ذلك فقد أثبت الله في قرآنه أنهم بمجرّد تكذيبهم لنوح، فقد كذّبوا وكفروا بجميع الأنبياء والمرسلين. كذّبت قوم لوطٍ المرسلين ، وكذّبت عاد المرسلين قال تعال: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ } 26:141. ومن المعلوم هؤلاء القوم ما كذّبوا إلا رسولاً واحداً، ومع ذلك كذّبوا وكفروا بجميع الأنبياء والمرسلين. بل لقد بيَّن ربنا هذا الحكم في آيات في سورة النساء، فقال تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا * أُولَـٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا * وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُولَـٰئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {152-4:150. ونحن نؤمن بنبي الله عيسى ونؤمن بنبي الله آدم ، ونؤمن بنبي الله موسى ونؤمن بنبي الله محمد، بل نؤمن بجميع الأنبياء . من قصّ الله علينا منهم ومن لم يقصص الله علينا خبرهم. لا نفرِّق في أصل الإيمان وفي أصل الإعتقاد أحداً من أنبياء الله ورُسُله. ونؤمن بأن ميلاد عيسى كان ميلاداً معجزةً في تاريخ البشرية. يُجليه الله ليُثبت الله به طلاقة القدرة، وأنّه على كل شيء قدير. فإنه إذا أراد الله أن يخلق من غير أب ومن غير أم خلق آدم عليه السلام. وإذا أراد أن يخلق من أب ودون أم، خلق حوّاء عليها السلام. إذا أراد أن يخلق من أمٍ دون أب خلق عيسى عليه السلام. وإذا أراد أن يخلق من أبٍ وأمٍ خلق سائر الخلق ليعلم كل الخلق أن الخالق على كل شيء قدير.
ونحن نُجِلُّ أم عيسى عليها السلام ، ونشرِّفها كما شرفها الله جلَّ وعلا في القرآن. وهي الأنثى الوحيدة على ظهر الأرض التي إصطفاها الله جلَّ وعلا من بين نساء العالمين. فقال تبارك وتعالى: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} 3:42 – 43. وكما في الصحيحين ومن حديث أبي موسى الأشعري أنّ النبي صلى الله عليه وسلم يُكرِّم مريم غاية التكريم فيقول: {كمُل من الرِّجال كثير، ولم يكمُل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية إمرأة فرعون، وخديجة بن خويلد، وفاطمة بن محمد. وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام}. وهي التقيّة النقيّة الطاهرة التي منحها الله تبارك وتعالى تلك المكانة الرفيعة من بين إمهات الدنيا. وبالنسبة لعيسى إبن مربم، نحن نؤمن ونعتقد أن الله رفعه إليه. قال تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}4:157-158. ونحن نؤمن ونعتقد أن عيسى سيُنزَّل إلى الأرض مرّة أخرى ليكون علامة كبرى من العلامات الدّالة على قيام السّاعة، كما قال تعال: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ ۚ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ }43:61. وأن عيسى المسيح سيقتل المسيح الدّجّال. وهي أعظم فتنة تمر على وجه الأرض. وأنّ عيسى عليه السلام لن يأتي بشريعة جديدة، وسوف يبيِّن للناس جميعاً ان محمداً صلى الله عليه وسلم وأن الموحِّدين من أمّته أولى النّاس بعيسى. لأنّه سيحكم العالم كله بكتاب الله وبشريعة محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسملين من كل ذنب ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم . وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
| 
 | |||