Checkout

خطب الجمـعة

faheemfb@gmail.com

191

      

 

     

 

     


بسم الله الرحمن الرحيم

الإستغفار

كتبها : الشيخ  عبد الرزّاق طاهر فارح

ترجمها إلى الإنجليزية: د . فهيم بوخطوة

 

13 شوَّال 1438 هـ

07 يوليو 2017 م

 

أحبتي في الله ،،

يقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} 3:135.  

عباد الله، إنّ الله عزَّ وجل جعل في الإستغفار كثرا من الفوائد والثمار، فمنها: أنه يمحو الخطايا والأوزار، ويكفِّر السيِّئات مع عدم الإصرار. قال تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا}4:110. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {قال الله: يا ابن آدم إنَّك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السَّماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنَّك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تُشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة}.

فإذا أقلع العبد عن ذنبه، واستغفر ربّه سبحانه، طهر قلبه، وغسل من أدرانه، وزالت عنه أكداره. قال صلى الله عليه وسلم: {إنَّ العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء. فإذا هو نزع واستغفر وتاب سقل قلبه}. واغلم يا عبد الله أنّ الإستغفار باب لِسِعَةِ الرِّزق ورغد العيش، والتَّمتُّع الحسن بالمنافع الدنيوية، والعطايا الربَّانية. فمن إستبطأ رزقه المكتوب، فليستغفر ربَّه سبحانه من الذنوب، كما جاء في القرآن الكريم على لسان نبي الله نوح عليه أفضل الصلاة والتسليم: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا} 71:10،11،12. فمن لازم الإستغفار أكرمه الله تعالى في حياته بالطيِّبات، وأزال عنه الهموم والكربات، وكشف عنه الغموم والضائقات. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من أكثر من الإستغفار، جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب}.

أيها المؤمنون،، لقد كان الإستغفار دأب النَّبيِّين، مع علو مكانتهم وعصمتهم واصطفائهم من ربِّ العالمين، فكان استغفارهم تعبُّداً وقربا، وحمدا وشكرا، فهذا آدم وزوجه عليهما يطلبان المغفرة من الله تعالى قائلين: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}7:23. وهذا نوح عليه السلام يناجي ربَّه قائلاً: {رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} 71:28. وهذا موسى كليم الله عليه السلام يناجي ربّه قائلاً:  {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ ۖ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} 7:151. وقال تعالى عن نبيِّه داوُد عليه السلام:{فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} 38:24.

وقال سبحانه عن نبيِّه سليمان عليه السلام دعاءه: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي ۖإِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} 38:35. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إني لأستغفر الله في كل يوم مائة مرَّة}. وقال أبو هريرة رضي الله عنه واصفا حال النبي صلى الله عليه وسلم: ما جلست إلى أحد أكثر استغفاراً من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فاحرص أيها المسلم على اتباع سُنَّة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم، فاستغفر الله تعالى في الصباح وفي المساء، واجتهد في إستغفارك، وتَحَرَّ مواطن استجابة الدُّعاء. وخاصة بعد الفراغ من أداء العبادات. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سَلَّمَ من الصلاة المفروضة يستغفر الله ثلاثا. وأكثر من الإستغفار في أوقات الأسحار. فقد أثنى الله تعالى على المتَّقين بقوله في الكتاب المبي: {كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} 51:17:18.

واحرص في ختام مجلسك أن تستغفر ربّك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه ، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: (سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك)، إلا غُفِر له ما كان في مجلسه ذلك}.

فعليك يا عبد الله أن تكثر من استغفار ربِّك فإنّه عدَّة التائبين، وملاذ النّادمين، وصفة عباد الله المتَّقين.

فاللهم إنا نستغفرك من ذنوبنا، ونبرأ إليك من عيوبنا، فوفِّقنا دوما لطاعتك، وطاعة رسولك محمد صلى الله عليه وسلم.

أقول قولي ها وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه، إنَّه هو الغفو الرحيم.

 

الخطبة الثانية،،

الحمد لله ربّ العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله. اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيِّبين الطاهرين، وعلى أصحابه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدِّين.

أما بعد ،، فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد علمنا صيغا للإستغفا، ومنها: أستغفر الله وأتوب إليه.

وعن أبي بكر الصِّديق رضي الله عنه: أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي. قال: {قل إني ظلمت نفسي كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك ، وارحمني، إنَّك أنت الغفور الرَّحيم}.

وعن شدَّاد بن أوس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: {سيِّد الإستغفار أن تقول: (اللهم أنت ربِّي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي، فإنّه لا يغفر الذنوب إلا أنت)}. قال: {ومن قالها من النّهار موقنا بها، فمات من يومه قبل أن يُمسي، فهو من أهل الجنّة. ومن قالها من الليل وهو مؤقن بها فمات قبل أن يُصبح، فهو من أهل الجنّة}

 

أقولٌ قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.