Checkout

خطب الجمـعة

faheemfb@gmail.com

190

      

 

     

     


بسم الله الرحمن الرحيم

الإستقامة - بعد رمضان

 

كتبها : الشيخ  عبد الرزّاق طاهر فارح

ترجمها إلى الإنجليزية : د . فهيم بوخطوة

 

06  شوال 1438 هـ

30  يونيو 2017 م

 

أحبتي في الله ،،،  

كانت أيام رمضان معنا منذ أقل من أسبوع . وهكذى أسرعت أيام الخير والبِر والفضل والطاعة. ولا شك أن الله جل وعلا قد إختص رمضان بكثير من رحماته وبركاته. فترى النّاس تُقْبِلُ على طاعةِ الله في رمضان لأنّ الله قد هيَّأ النّاس في رمضان للطاعة. فترى المساجد معطرةً بأنفاس الصائمين في رمضان. وترى صفوف المصلِّين مزدحمةً في رمضان. بل وترى البِرَّ والجود والإحسان والبذل والإنفاق والعطاء والذِّكر والتَّوبة والإستغفار. وترى حرص الناس على الطاعة. وإنّ ما يُثير العجب أنْ تجد بعض النّاس الذين كانوا يحرصون على الطاعة في رمضان، فتجده للصلاة تاركاً بعد رمضان، ولأعمال الخير قالياً ومُجانباً، وللمعاصي مرتكباً وفاعلاً. فيَعصِي الله جلَّ وعلا بأنواع شتَّى من المعاصي والآثام. مبتعداً عن طاعة الملك القدُّوس. فبئس والله القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان.

 

إذن ، فينبغي على المسلم بعد رمضان أن يُداوم على الطاعات، ويجتنب المعاصي والسَّيِّئات. إنَّ بقاء المسلم ومصابرته على العمل الصالح بعد رمضان، هي علامة قبول عند ربِّه. وإنّ تركه للعمل الصالح بعد رمضان وسلوكه مسالك الشيطان هي دليل على خُذلانه. كما قال الحسن البصري: هانوا عليه فعصوا، ولو عزُّوا عليه لعصمهم. قال تعالى: {وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ} 22:18.

 

عباد الله ،، إنَّ العمل الصالح من أعظم القربات التي يتقرَّبُ بها العبد إلى الله في كلِّ زمان. في رمضان وفي غيرها. وذلك لأنَّ العبادة التي شرعها الله جلَّ وعلا لنا متمثِّلة في الأركان الخمسة. منها الصِّيام، وهو مؤقَّت ومحدَّد، وقد إنتهى. فتبقى أركان أخرى من حجٍّ وصلاةٍ وزكاةٍ. ونحن مسئولون أمام الله جلَّ وعلا عنها، ولابد أن نؤدِّيها على الوجه الذي يُرضِي الله جلَّ وعلا، وأن نسعى لذلك لنحقِّقَ ما خُلِقنا من أجله.

فالمؤمن ينبغي أن يكون في مركب الإستقامة وفي سفينة النجاة من أول ما يعقل حياته إلى أن يلفظ أنفاسه الأخيرة. فيكون في ظلال "لا إله إلا الله". يسير ويتفيأ من نعم الله عزّ وجل. فإنّ هذا الدِّين هو الحق والذي منَّ علينا بالإستقامة عليه في شهر رمضان هو الذي يكرمنا سبحانه وتعالى بفيض عطائه، وفضل إنعامه وجزيل إكرامه، حتى نستمر على القيام وعلى العبادة بعد شهر رمضان. فلا تنسى يا أخي وقد منَّ الله عليك بالإعتكاف، ومنَّ الله عليك بالصدقة، ومنَّ الله عليك بالصِّيام، ومنَّ الله عليك بالدُّعاء وقبوله، لا تنسى يا أخي أنَّ هذه الحسنات، وأنَّ هذا التوفيق أن ترعاها حق رعايتها. فل تمحُها بالسَّيِّئات والأعمال الباطلة. فأحرص على أن تزرع في طريقك الخير والسَّعادة. وأن تسير في ركاب الإستقامة، تريد الله ورسوله والدّار الآخرة. وحينئذٍ يُقَال لك أبشر بجنّة عرضها السموات والأرض أعِدَّت للمتَّقين. قد أجبت منادي الله.

أسأل الله الذي منَّ علينا وعليكم بالصِّيام والإعتكاف والعمرة والصدقات، أن يمُنَّ علينا بالهُدى والتُّقى وقبول العمل والإستمرار على الأعمال الصَّالحة، والإستقامة فيها. فإن الإستمرار على الأعمال الصالحة من أعظم القربات. ولذلك جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أوصني. قال:{قل آمنت بالله ثم إستقم}، مُتَّفقٌ عليه.

وفي روايةٍ لأحمد قال: {قل آمنت بالله ثم إستقم}. قال يا رسول الله كلُّ النّاس يقول ذلك. قال: {قد قالها قومٌ من قبلكم ثم لم يستقيموا}. فينبغي على المؤمنين أن يستمروا على الإستقامة في طاعة الله: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} 14:27.

واعلم أخي أنَّ أحبَّ الأعمال إلى الله ما دُووِمَ عليه وإن قَلْ. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {أيها النّاس عليكم من الأعمال ما تُطيقون، فإنّ الله لا يملّ حتى تملّوا. وإنَّ أحب الأعمال إلى الله ما دُووِمَ عليه وإن قَلْ، وكان لآل محمد صلى الله عليه وسلم إذا عملوا عملاً ثبتوه} أي داوموا عليه. رواه مسلم.

 

ولما سُئِل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: {أدْوَمَه وإِنْ قَلْ}.

 

فعلى المؤمن التقي أن يخشى الله سبحانه وتعالى، ويحرص على طاعة الله تعالى، ويلازم تقواه، ويسعى دائما وأبداً للخير والدّعوة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فالمؤمن في هذه الحياة ، أيامه ولياليه خزائن ، فلينظر ماذا يُودع فيها. فإن أودع فيها خيراً، شهد له يو القيامة عند ربِّه. وإن غير ذلك كانت وبالاً عليه.

نسأل الله أن ينجيني وإيَّاكم من الخسران.

أقولٌ قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.

 

faheemfb@gmail.com   فهيم أبوخـطـوة ،، البريد الإلكتروني