| 
     خطب الجمـعة |  | 
     | 193 | 
| 
 | |||
بسم الله الرحمن الرحيم
وجاءت سَكْرَة الموت بالحق
كتبها: الشيخ د . يونس على
ترجمها إلى الإنجليزية : د . فهيم بوخطوة
27 شوال 1438 هـ
21 يوليو 2017 م
		
	 
	
	الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ... وبعد :       
	
	أيها 
	الأخيار الكرام: لقد بين اللـه جل وعلا لنا الغاية التى من أجلها خلقنا فقال 
	سبحانه وتعالى: وَمَا 
	خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ  [الذاريات: 
	56]. بل وبين لنا حقيقة الدنيا التى جعلها محل اختبار لنا فقال سبحانه: اعْلَمُوا 
	أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ 
	بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ 
	الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ 
	حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ 
	وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ  [الحديد: 
	20].وأكد الحبيب المصطفى هذه الحقيقة فى حديثه الصحيح الذى رواه الترمذى من 
	حديث سهل بن سعد الساعدى رضى اللـه عنه قال صلى اللـه عليه وسلم ((لو 
	كانت الدنيا تعدل عند اللـه جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء)). 
	
	فاعلم أيها الحبيب هذه الحقائق جيداً، وكن على يقين جازم بأن الحياة فى هذا 
	الدنيا موقوتة محدودة بأجل، ثم تأتى نهايتها حتماً لابد،فيموت الصالحون.. ويموت 
	الطالحون.. يموت المجاهدون.. ويموت القاعدون.. يموت المستعلون بالعقيدة.. ويموت 
	المستذلون للعبيد.. يموت الشرفاء الذين يأبون الضيم ويكرهون الذل، والجبناء 
	الحريصون على الحياة بأى ثمن.. الكل يموت. 
	
	 قال اللـه جل وعلا:  كُل 
	مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ  وَيَبْقَى 
	وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ  [الرحمن:26-27].فلابد 
	أن تستقر هذه الحقيقة فى القلب والعقل معاً، إنها الحقيقة التى تعلن بوضوح تام 
	على مدى الزمان والمكان فى أذن كل سامع وعقل كل مفكر أنه لا بقاء إلا للملك 
	الحى الذى لا يموت، إنها الحقيقة التى تصبغ الحياة البشرية كلها بصبغة العبودية 
	والذل لقاهر السماوات والأرض!!إنها الحقيقة التى شرب كأسها تباعاً الأنبياء 
	والمرسلون بل والعصاة والطائعون!!إنها الحقيقة التى تذكرنا كل لحظة من لحظات 
	الزمن بقول الحى الذى لا يموت:  لا 
	إِلَه إِلا هُو كُلُّ شَئٍ هَالِكُ إِلا وَجْهُه أيها الحبيب تذكر هذه الحقيقة ولا تتغافل عنها إذ أن النبى أمرنا أن نكثر من 
	ذكرها كما فى الحديث الصحيح الذى رواه الترمذى والنسائى والبيهقى والحاكم 
	وغيرهم من حديث ابن عمر أن النبى  قال: ((أكثروا 
	من ذكر هادم اللَّذات)) 
	
	إنها الحقيقة التى سماها اللـه فى قرآنه بالحق فقال جل وعلا:  وَجَاءَتْ 
	سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ  وَنُفِخَ 
	فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ  وَجَاءَتْ 
	كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ  [ق:19-21]. 
	
 روى البخارى عن عائشة رضى اللـه عنها قالت: مات رسول اللـه  بين 
	حاقنتى وذاقنتى وكان بين يديه ركوة (علبة) بها ماء فكان يمد يده فى داخل الماء 
	ويمسح وجهه بأبى هو وأمى ويقول: ((لا إله إلا اللـه 
	إن للموت لسكرات)) هكذا يقول حبيب رب الأرض والسموات إن للموت لسكرات!! 
	حبيب الرحمن يذوق سكرة الموت،  فما بالنا نحن؟!!وفى رواية الترمذى كان الحبيب  يقول: ((إن 
	للموت لسكرات وإن للموت لغمرات)).وفى رواية كان  يدعوا 
	اللـه ويقول: ((اللـهم أعنِّى على سكرات الموت)).  
	قال تعالى : وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ 
	بِالْحَقِّ   
	
	  
	 كَلا 
	إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ  وَقِيلَ 
	مَنْ رَاقٍ  وَظَنَّ 
	أَنَّهُ الْفِرَاقُ  وَالْتَفَّتِ 
	السَّاقُ بِالسَّاقِ  إِلَى 
	رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ  [القيامة:26-30] 
	إذا بلغت الروح الترقوة  وَقِيلَ 
	مَنْ رَاقٍ  من 
	يرقيه؟!! من يرقى بروحه؟!! ملائكة الرحمة؟ أم ملائكة العذاب؟.قال تعالى:  وَلِكُلِّ 
	أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا 
	يَسْتَقْدِمُونَ  [الأعراف:34]. 
	 أَيْنَمَا 
	تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ  [النساء:78]. 
	كما فى حديث البراء بن عازب الصحيح وسأذكر الحديث بتفصيله لاحقاً إن شاء رب 
	العالمين، إلاَّ أن محل الشاهد فيه الآن أن النبى  أخبر: ((أنَّ 
	المؤمن إذا نام على فراش الموت جاءته ملائكة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس، معهم 
	كفنُُ من أكفان الجنة وحنوطٌ من حنوط الجنة فيجلسون من المؤمن مُدَّ البصر حتى 
	يأتى ملك الموت فيجلس عند رأسه وينادى على روحه الطيبة وهو يقول: أيتها الروح 
	الطيبة اخرجى حميدة وابشرى بروحٍِ وريحان وربٍ راضٍ عنك غير غضبان، فتخرج روح 
	المؤمن سهلة سلسة كما يسيل الماء من فِىِّ السقاء فلا تدعهـا الملائكــة فى يد 
	ملك الموت طرفة عين، ثم ترقى بها إلى اللـه جل وعلا..)). سأل سليمان بن 
	عبد الملك عالمـاً من علماء السلف يقال له أبو حازم، قال سليمان: يا أبا حازم، 
	ما لنا نكره الموت ؟!قال أبو حازم: لأنكم عمرتم دنياكم وخربتم أخراكم فأنتم 
	تكرهون أن تنتقلوا من العمران إلى الخراب !! 
	
	أحبتى فى اللـه: دنياك مهما طالت فهى قصيرة.. ومهما عظمت فهى حقيرة.. لأن 
	الليل  مهما طال لابد من طلوع الفجر.. ولأن العمر مهما طال لابد من دخول 
	القبر.ثم سأل سليمان بن عبد الملك، وقال: يا أبا حازم كيف حالنا عند اللـه 
	تعالى ؟!!قال: اعرض نفسك على كتاب اللـه. 
	
	قال سليمان: أين أجده ؟!!قال: فى قوله تعالى:  إِنَّ 
	الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ  وَإِنَّ 
	الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ  [الانفطار:13-14].قال 
	سليمان بن عبد الملك: فأين رحمة اللـه يا أبا حازم ؟!!قال أبو حازم  إِنَّ 
	رَحمَتَ اللَّـهِ  قَرِيبٌ مِّنَ المحُسِنِينَ  [الأعراف:56].فقال 
	سليمان بن عبد الملك: فكيف عَرضُنَا على اللـه غداً؟ قال: أما المحسن فكالعبد 
	الغائب من سفر يقدمُ على أهله، فيستقبله الأهل بفرح، والمسىء كالعبد الآبق 
	يقدِمُ على مولاه. 
	
	وفى الصحيحين من حديث عائشة رضى اللـه عنهـا أن النبى  قال: ((من 
	أحب لقاء اللـه أحب اللـه لقاءه، ومن كره لقاء اللـه كره اللـه لقاءه)).قالت 
	عائشة: يا رسـول اللـه أكراهية الموت؟ كلنا يكره الموت.قال: ((لا 
	يا عائشة، ولكن المؤمن إذا بشر برحمة اللـه ورضوانه وجنته أحب لقاء اللـه 
	وأحب اللـه لقاءه، وإن الكافر إذا بشر بسخط اللـه وعذابه كره لقاء اللـه وكره 
	اللـه لقاءه)). 
	
	وفى صحيح البخارى من حديث أبى سعيد الخدرى رضى اللـه عنه أن رسول اللـه  قال: ((إذا 
	وضعت الجنازة وحملها الرجال على الأعناق تكلمت وسمعها كل شئ إلا الثقلين - أو 
	قال: إلا الإنسان - ولو سمع الإنسان لصعق، فإن كانت صالحة قالت: قدمونى 
	قدمــونى !! وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها..!! أين يذهبون بها!!)) ،
	
	
	اللـهم
	
	
	سلم.. سلم. 
	
	أيها اللاهى.. أيها الساهى.. أيها الشاب.. أيها الكبير.. أيها الصغير.. أيها 
	الأمير.. أيها الوزير.. أيها الحقير. .
	
	
	أيها الحبيب... 
	
	((يتبع الميت ثلاث: ماله، وأهله، وعمله فيرجع اثنان ويبقى واحد يرجع أهله وماله 
	ويبقى عمله)) . 
	
	وفي صحيح البخاري عن أبي 
	الأسود قال: قدمت المدينة وقد وقع بها مرض فجلست إلى عمر بن الخطاب 
	t 
	فمرت به جنازة فأُثنى على 
	صاحبها خيرًا فقال عمر
	
	
	رضى الله عنه 
	
	 وجبت، 
	ثم مُر بأخرى فأُثنى على صاحبها خيرًا فقال عمر 
	
	رضى الله عنه 
	
	 وجبت، 
	ثم مُر بالثالثة فأُثنى على صاحبها شرًا فقال: وجبت، فقال أبو الأسود، فقلت: 
	وما وجبت يا أمير المؤمنين، قال: قلت كما قال النبي 
	
	صلى الله عليه وسلم 
	
	 أيما 
	مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة، فقلنا: وثلاثة، قال: وثلاثة، فقلنا: 
	واثنان، قال: واثنان، ثم لم نسأله عن الواحد(( 
	
	 هكذا رحل عنا الوالد الغزيز محمد يوسف وفق شهادة المأت من المسلمين على لين 
	عركته وحلوة كلامه قبل طعامه ومحبته لجميع الناس وابتسامته قال ابن مسعود
	
	
	رضى الله عنه 
	
	 ليس 
	للمؤمن راحة دون لقاء الله.
	 
	
	ألا وصلوا عباد الله على 
	رسول الهدى، فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: ) 
	
	إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما 
	( اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة 
	الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الآل والصحب الكرام وعنا معهم بعفوك 
	وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين.