خطب الجمـعة |
![]() |
|
198 |
|
بسم الله الرحمن الرحيم
الصراط المستقيم ومأساة المسلمين في بورما
كتبها : عبد الرزّاق طاهر فارح
ترجمها إلى الإنجليزية : د . فهيم بوخطوة
17 ذي الحجة 1438
08 سبتمبر 2017
أحبتي في الله ،،
مضت الأيام الفاضلة ، وكانت أيَّام ذِكْرٍ وشُكرٍ لله تبارك وتعالى. والمسلم يستفيد من الأيّام الفاضلة وغيرها من الأيّام الأخرى. ولذلك يجب على المسلم والمسلمة أن يَحرص أو تحرص على إستقامة النَّفس حتى تستقيم أقواله وأعماله وأحواله (أي إخلاصه). قال الله جلَّ وعلا لنبيِّه: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚإِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} 112-11. فنحن نسأل في كلّ ركعة من ركعات الصَّلاة أن يهدينا الله جلَّ وعلا الصِّراط المستقيم: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} 1:6. فالصراط المستقيم هو صراط الله جلَّ وعلا، هو دين الله الذي رسمه نبيِّنا صلى الله عليه وسلم يوماً في شكل خطٍ مستقيم على الأرض وقال: {هذا صراط الله مستقيما}. وخطَّ على يمين وشمال هذا الخط خطوطاً مُعوجَّة ومتعرِّجة وقال: {هذه سُبُلْ، وعلى رأس كلُّ سبيل منها شيطان} وقرأ قول الله: {وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ
وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} 6:153.
واعلموا إذا طبَّقنا أمر الله فيما نملك، كفانا فيما لا نملك. إذا جاهدنا أنفسنا وأهواءنا، كان حالنا غير هذا الحال، وتجد أن الأخبار سَتَسُرُّك، وأنَّ النتائج تُبْهرك، وأنَّ الله جلَّ وعلا لن يتخلَّى عنك.
عباد الله، المآسي الواحدة تلو الأخرى تأتي على المسلمين. إنَّ المسلمين في بورما يتعرَّضون الآن لمذابح بشعة على مرئى ومسمع من العالم كلُّه. وهؤلاء يصرخون ولا مجيب ولا سامع. ويُذبحون ولا ناصرر لهم، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله. للمسلمون في بورما تاريخ طويل جداً من المأساة، والمعاناة، والألم، والقتل، والتهجير، والتشريد، والحرب، والتعذيب، وحرقهم وهدم المساجد والمدارس والقرى على رؤوس أولائك المستضعفين. وهذه الدولة البوذية تذبح مسملين الرهينجا ذبحاً لا يُتصوَّر، ولا يحتملها القلب.
هذه المأساة المروِّعة تحدُث على أراضي وصل إليها الإسلام منذ القرن الثاني الهجري عن طريق التجّار المسلمين والعرب. وأُقِيمت على هذه الأرض دولةً قويّةً إستمرت ثلاثة قرون ونصف. حَكَم هذه الدَّولة ثمانية وأربعون مَلِكاً من ملوك المسلمين. وعجيب أن المسلمين الذين يُعذَّبون بشتَّى أنواع العذاب بأيدي بوذيين تُحيط بهم دُوَلٌ إسلامية كبيرةٌ كالباكستان وإندونيسيا وماليزيا وبنغلاديش. لكن لا نُصرة لهم لإخوانهم المستضعفين. لقد غفل العالم كله. يا الله، الظلم ظلمات، والظلم ويلات، في الدنيا والآخرة. إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة. وعلى كلُّ مسلم أن يُقدِّم شيئاً لأولئ
ك المستضعفين، ولا يبحل حتى ولو بدعوة إلى الله في جوف الليل. وأنت تشهد لربّك أنّك لا تملك إلا هذه الدعوة.