Checkout

خطب الجمـعة

faheemfb@gmail.com

215

      

 

     

     


بسم الله الرحمن الرحيم

حاسب نفسك الليلة                                        

كتبها : عبد الرزّاق طاهر فارح

ترجمها إلى الإنجليزية: د . فهيم بوخطوة

 

 

14 شعبان 1440

19 أبريل 2019

 

 

أحبتي في الله ،،

المؤمن هو الذي يقف مع نفسه ويحاسبها قبل القول والعمل ، وبعد القول والعمل. ويقول وهو يحاسب نففسه: كيف كان يومك مع الله؟ هل أدَّيت الواجب الذي أوجب الله عليك؟ هل تبيتٌ الليلة والله جلَّ وعلا راضي عنك وأنت راضي عنه؟ هل إبتغيت وجه الله من القول والعمل؟ ثم هل كان العمل موافقا لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فإن وجد المؤمن نفصاً أكمله، وإن وجد خللاً سدَّه، وإن وجد تقصيراً إتَّهَم نفسه. وأؤكِّد لكم بأنَّ المؤمن دائما يَتَّهِمُ نفسه بالتقصير، ولا يرى لنفسه أبداً فضلاً ولا شرفاً ولا كرامة. فإن أطعت الله فمَنْ الذي وَفَّقَكَ للطاعة؟ جِئتَ مبكراً لهذا المسجد لتؤدِّي صلاة الجمعة، أو صَبَرت من بعد صلاة المغرب إلى وقت العشاء،، إلى غير ذلك. فمن الذي وَفَّقَكَ فهذا؟ غَيرُكَ الآن يجلس في بيته من غير عُذرٍ شرعي، أو في شُغْلِه وهو يستطيع أن يأتي. وأنت الآن في بيت الله بغير حَوْلٍ مِنْكَ ولا طَوْل. بل إنَّ الحول والطول والمدد والقوّة من الله عزَّ وجلّ وحده. {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ۖ قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم ۖ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }  49:17.

ويقول النَّبي صلى الله عليه وسلم: {كلُّ مولود يُولد على فطرة. فأبواه يُهَوِّدانه أو يُنَصِّرانه أو يُمَجِّسَانه}. هذا نشأ في بيت نصراني فأصبح نصرانياً، وهذا نشأ في بيتٍ يهودي فأصبح يهودي، وهذا مجوسي. ونحن نشأنا في بيوتٍ تُوَحِّد الله جلَّ وعلا من غير رغبةٍ منَّا ولا إختيار. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. والله أيُّها المؤمنون، إنَّ الله عزَّ وجل أنعم علينا نِعَماً لا تُعَدُّ ولا تُحْصَى. وإنَّ أجلَّ وأكرَمَ نعمة قد أنعم الله بها علينا هي نعمة الإيمان والتوحيد. عباد الله،، فالمؤمن دوما يُحاسب نفسه، ويتهم نفسه بالتقصير. {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} 23:60. قالت عائشة رضوان الله عليها: "يا رسول الله، أهو الرَّجُل يَزْنَى ويَسرق ويَشرب الخمر؟". قال: {لا يا بنت الصِّدِّيق، إنَّه الرَّجل يُصلِّي ويصوم ويتصدَّق، ويخشى ألا يتقبل الله منه}.  ولذلك جاء رجل إلى أم المؤنين عائشة رضي الله عنها فقال: "يا أم المؤمنين، ما تقولين في قوله تعالى: { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَ‌ٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} 35:32؟". فقالت عائشة: "يا بُنيَّ، أمَّا [السابق بالخيرات] فقومٌ سبقوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشَهِدَ لهم بالجنَّة. و [المقتصد] فقومٌ ساروا على هديِهِ صلى الله عليه وسلم حتى ماتوا على ذلك. وأما [الظالم لنفسه] فَمِثلي ومثلك". أم المؤمنين عائشة جعلت نفسها معنا،، وهي.. من هي؟ المبرَّأة من فوق سبع سماوات. هي زوج النَّبي صلى الله عليه وسلم المبَشَّرة بالجنّة. وهي أحب نِساء النَّبي صلى الله عليه وسلم إلى قلبه بعد خديجة. فالمسلم دوماً يُحاسب نفسه ويتَّهِمَها بالتقصير. فقف مع نفسك الليلة وقفة صدق وقل لها: يا نفسي، ليس لي بضاعةٌ إلا العمرز فإن ضاعت باعتي ضاع رأس مالي. يا نفسي، إن كُنْتِ تجتَرِئين على معصية الله وأنتِ تظُنِّين بأنَّ الله لا يراكِ، فما أعظم كُفرُكِ بالله جلَّ وعلا. وإن كُنتِ تعلمين بأنَّ الله يراكِ وأنتِ مُصِرَّةٌ على معصيته فما أشدَّ جُرأتكِ على الله، وما أعظم وقاحتك مع الله جلَّ وعلا. يانفسي،، إلى متى تعصين؟ وعلى الله تجترئين؟ ومتى ستعيشين بالإسلام وللإسلام؟ يا نفسي،، متى ستحافظين على الصلوات في أوقاتها؟ وفي الجماعات؟ متى ستحافظين على قراءة القرآن؟ وعلى هدي النَّبي صلى الله عليه وسلم؟ وعلى تحقيق التوحيد للَّهِ؟ وعلى برَّ الوالدين، وعلى الإحسان للجيران؟ ومتى ستبذلين المال للفقراء؟ ومتى ستحسنين العمل؟ يا نفس،، أما لَكِ بأهل القبور عبرة؟ ألا تُفكِّرين في القبر وضمَّته؟ ألا تفكرين بالصراط وحِدَّتِه؟ ألا تفكِّرين في النَّار والأهوال والإغلال؟

قف مع نفسك كل ليلة قبل أن تنام، وحاسبها محاسبة شديدة. واعلم أنَّ النّفس كالطفل،، إن فطمتها عن المعصيةِ، إنفطمت. وإن ألجمتها بلجام التقوى أُلْجِمَت. وإن عَوَّدتَها على الطاعة إعتادتها. فالنفس كالطفل. إن فطم الطفل عن الرضاعة من أمِّه بكى يوماً أو يومين، ثم إعتاد بعد ذلك. كذلك النَّفس. إعلم بأنَّ النَّفس جموع، وأن النفس أمَّارة بالسوء. وأنّه لا يَخِفَّ الحساب يوم القيامة إلا على من حاسب نفسه في الدنيا. قال عمر ابن الخطّاب: حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وزِنُوا أعمالكم قبل أن تُوزنوا. وتَزَيَّنوا للعرض الأكبر، يوم لا تخفى منكم خافية. فإنَّما يَخِفَّ الحساب يوم القيامة عمن حاسب نفسه في الدُّنيا. يقو الله جلَّ وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} 59:18.

 
 

faheemfb@gmail.com   فهيم أبوخـطـوة ،، البريد الإلكتروني