Checkout

خطب الجمـعة

faheemfb@gmail.com

219

      

 

     

     


بسم الله الرحمن الرحيم

الصلاة (2019)

كتبها : عبد الرزّاق طاهر فارح

ترجمها إلى الإنجليزية: د . فهيم بوخطوة

 

22 ذو الحجَّة 1440

23 أغسطس 2019

 

الحمد لله ،،، الحمد لله الذي أنزل القرآن بِلِسَانٍ عربي مُبِين،، وفَصَّل آياتِه،، قُرآناً عربِيَّاً لقوم يعلمون ، بشيراً ونذيرا.

والصلاة والسلام على أفصح العرب قاطبةً،، مَنْ آتاه الله جوامع الكَلِم،، وعلى آله وأصحابه،، وعلى كُلّ مَنْ إِهْتَدَى بِهَدْيِه، واسْتَنَّ بِسُنَّتِه،، واقتَفَى أثَرَهُ،، إلى يومِ الدِّين.

أسأل الله تبارك وتعالى الذي جمعنا في هذا المسجد المبارك على طاعته،، أنْ يجمعنا في الآخرة مع النَّبيين والصِّدِّقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ أولئك رفيقا.

 

أحبتي في الله ،،

الصلاة هي عنواننا في هذه الجمعة المباركة. وهي الركن الثاني من أركان الإسلام كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله إبن عمر إبن الخطاب رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {بُنِيَ الإسلام على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحجُّ البيت وصوم رمضان}.

وكما في الحديث الذي رواه الترمذي والنِّسائي وغيرهم من حديث مُعاذ إبن جبل رضي الله عنه أنَّه سأل النّبي صلى الله عليه وسلَّم سؤالاً فقال يا رسول الله: أخبرني بعمل يُدخلني الجنَّة ويُباعدني عن النّار. فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: {لقد سألت عن عظيم، وإنّه ليسير على من يَسَّرَه الله عليه.... أن تعبدُ الله ولا تُشرك به شيئاً، وتقيمُ الصلاة وتؤدِّي الزكاة وتصوم رمضان وتحُجَّ البيت..} إلى آخر الحديث. فشاهدوا أيُّها الأحِبَّة: ((وتقيمُ الصلاة)) هذا هو الركن العملي الأوّل بعد النطق بالشهادتين. الصّلاة، الصلاة قُرَّة عيون المؤمنين، الصلاة أُنْسُ المحِبِّين، الصلاة قُرَّة عيون المُوَحِّدين. كما كانت الصَّلاة قُرَّة عينِ سيِّدِ المرسلين صلى الله عليه وسلم إذ يقول: {جُعِلَتْ قُرَّة عيني في الصَّلاةِ}. الصلاة أيها الأفاضل واحَة راحَة. يا مَنْ كَثُرَتْ هُمومه، يا مَنْ إشتَدَّ بِكَ الألم، يا مَنْ تبحثُ عنِ السَّعادة، يا مَنْ تبحثُ عنْ راحَة البال، يا مَنْ تبحث عن إنشراح الصَّدر، يا مَنْ تبحثين عن زوجٍ صالحٍ، إستعينوا بالصَّلاة. يقول الله جلَّ وعلا: { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} 2:45. أيها الإخوة، الصَّلاة صِلَةٌ بين العبد الضعيف الفقير ، وبين الملك الغنيِّ القدير. لا يَجْهَلُ قَدْرَ هذه الصِّلَة إلاَّ من جَهِلَ قدر الله بأسماء جلاله وصفات كماله. ولا يعرِفُ جلال هذه الصِّلة إلا من عَرَفَ الله جلَّ وعلا بأسماء جلاله وصفات كماله. فمن عرف ربَّهُ بالغِنَى المُطْلَق عَرَفَ نفسه بالفقر المطلق. ومن عرف ربَّه بالعلم التَّام، عرف نفسه بالجهل التَّام. ومن عرف ربَّه بالعِزِّ التَّام عرف نفسه بالذُّلِّ التَّام.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث جابر إبن عبد الله رضي الله عنهما قال: {بين الرَّجُلِ وبين الكُفر تَرْكُ الصَّلاة}. وقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: {العهد الذي بَيْنَنَا وبينهم الصّلاة، فمَنْ تَرَكَها فقد كَفَر}.

وقال النَّبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي رواه أحمد في مسنده من حديث مُعاذ إبن جبل أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: {مَنْ ترك صلاةً مكتوبةً مُتَعَمِّداً، فقد بَرَأَتْ مِنْهُ ذِمَّة الله}. وفي الحديث الذي رواه أحمد في مسنده وإبن أبي حاتم وإبن حِبَانَ في صحيحه من حديث عبد الله إبن عمر وإبن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه ذَكَرَ الصّلاة يوماً فقال: {مَنْ حافظ عليها كانت له نوراً وبُرهاناً ونجاةً يوم القيامة. ومَنْ لم يُحافظ عليها لم تكن له نوراً ولا برهانا ولا نجاةً وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأُبَيْ بن خَلَفْ}.

وقال إبن القَيِّم عن هذه الفقرة الأخيرة تعليقاً عجيباً: مِنَ النَّاس مَنْ يَشْغَلُهُ مُلكُهُ عن الصّلاة فهو مع فرعون. ومِنَ النَّاس مَنْ تَشْغَلُهُ وِزارتهُ عن الصّلاة فهو مع هامان. ومِنَ النَّاس مَنْ يَشْغَلُهُ مالهُ عن الصّلاة فهو مع قارون. ومِنَ النَّاس مَنْ تَشْغَلُهُ تِجارتهُ عن الصّلاة فهو مع أُبَيْ إبن خَلَف.

أيُّها المسلمون، إعلموا يقيناً بِأنَّنا لن نشعُر بالرَّاحةِ ولا بالسَّعادةِ ولا بالرِّضا ولا بالطَّمأنينةِ، ولا بالأُنْسِ إلاَّ ونحن مع الله جلَّ وعلا. والله الذي لا إله غيره، لن تَشْعُرَ بالسَّعادة الحقيقيَّة في المَنْسِبْ ولا في المال، ولا مع الزوجة الحسناء، ولا في الجَاهِ، ولا مع الأولاد ولا مع العشيرة ولا القبيلة إلا وأنت مع ربِّ العالمين، إلا وأنت في طاعة الله. { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَ‌ٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } 10:58.

عباد الله إعلموا أن الله جلَّ وعلا أَمَرَنا بالمحافظة على هذه الصلوات الخمس. قال جلَّ وعلا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} 2:238. وقال جلَّ وعلا: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَ‌ٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} 98:5.

وقال النَّبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أبي هُريرة (وهذه بُشرَى لمن يُحافظ على الصلوات في بُيوتِ الله جلَّ وعلا):{من غدا إلى المسجد أو راحَ (يعني من ذهب إلى بيت من بيوت الله في وقت صلاة الصبح،، "أو راح" أي ذهب في وقت المساء أي صلاة العصر والمغرب والعشاء) أَعَدَّ الله لهُ نُزُلاً في الجنَّة كُلَّما غَدَا أو راحَ}. ومعنى النُّزُل هو ما يُعَدُّ ويُهيَّأ لِضيف من كرامة. وأرجو أن تَتَصَوَّرَ أنت نزلاً يُهَيِّأه أكرم الأكرمين وأحكم الحاكمين جلَّ وعلا. وفي الحديث الذي رواه الترمذي والنِّسائي وغيرهما بسندٍ صحيح من حديث بُرَيدَه أنَّه صلى الله عليه وسلم قال: {بَشِّرِ المشَّائين إلى المساجدِ في الظُّلمِ بالنّورِ التّام يوم القيامة}. وقال الله عزَّ وجل: { يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } 66:8.

 

قال إبن مسعود، والأثَرُ رواه إبن إبي حاتم وإبن مُنذِر وأحمد وغيرهم، وهو أَثَرٌ صحيح، قال عبد الله إبن مسعود: ومنهم (أي من المؤمنين المتَّبعين لسيِّد النبيين من المصلين المشَّائين إلى المساجد في الظُلُمِ)، منهم من يكون نوره كالجبل ومنهم من يكون نوره كالنَّخل، ومنهم من يكون نوره كالرَّجُلِ القائم، ومنهم من يكون نُوره على إبْهَامِه يُوقِد مرَّة وينطفئ مرَّة. ومنهم من تُحيط الظُّلمة من كلُّ ناحية. قال الله : {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ ­ يُنَادُونَهُمْ (أي يُنادي أهل الظلمات أهل النُّور، أي يُنادي أهل النفاق أهل الإيمان) أَلَمْ نَكُن مَّعَكُم قَالُوا بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُور}14- 57:13.

 

 

 

أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلني وإيَّاكم ممن يستمعون القول فيتَّبعون أحسنه. أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب. أقول قولي هذا وأسغفر الله لي ولكم، إنَّه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية (الدّعاء):

الحمد لله ،، الحمد لله الذي هدانا لهذا ،، وما كنَّا لنهتدي لولا أنْ هدانا الله

وأشهد أن لا إله إلا الله ،، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله ،،

صلّ الله عليه وعلى آلِه وصحبه أجمعين،،  

أحبَّتي في الله ،، ألا صلُّوا وسلِّموا على من أمركم الله بالصلاةِ عليه،،

إنَّ الله وملائكته يصلُّون على النَّبي ،، يا أيُّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلِّموا تسليما

 

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد ،، كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهم، إنَّك حميد مجيد

اللهم بارِك على محمد وعلى آل محمد ،، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهم، إنَّك حميد مجيد

 

اللهم إنَّا نسألك رضاك والجنَّة ،، ونعوذُ بكَ اللّهُم من سخَطِكَ والنَّار. 

اللهم إنَّا نسألك  العفو والعافية ،، في الدنيا والآخرة.  

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات

إنَّك سميعٌ قريبٌ مجيب الدعوات،،

يارب ، لا تَدَعْ لنا ذنبًا إلا غفرته، ولا همَّا إلا فَرَجْتَه، ولا ديناً إلا قَضَيتَه، ولا مريضاً إلا شَفَيتَه،

ولا حاجة من حوائج الدنيا، لك رِضَى، ولنا فيها صلاح إلا قضيتها وأعنتها يا أرحم الرَّاحمين

ربَّنَا آتِنا في الدنيا حَسَنَةً ، وفي الآخرة حسنة، وقِنَا عذابَ النَّار

اللهم إنَّا نُحِبُّ نَبِيُّك ونُحِبُّ أصحاب نَبِيُّك ، فاحشرنا معهم وإن لم نعمل بِمِثْلِ أعمالهم ، يا أرحم الراحمين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين

 


faheemfb@gmail.com   فهيم بوخـطـوة ،، البريد الإلكتروني