Checkout

خطب الجمـعة

faheemfb@gmail.com

223

    


بسم الله الرحمن الرحيم

الظَّنُّ الحَسَن وظَنُّ السُّوء  

 

كتبها : عبد الرزّاق طاهر فارح

ترجمها إلى الإنجليزية: د . فهيم بوخطوة

 

22  جمادى الأولى 1441    ،، أستخدمت أيضا:  10 ربيع الثَّاني 1444 هـ

17 يناير 2020   وتم الإستخدام في : 26 نوفمبر 2021   وكذلك: 04 نوفمبر 2022

 

أحبتي في الله ،،

 

يَجِبُ علَى الـمُسلِمِ أَنْ يُحسِنَ الظَّنَّ بالله جلَّ جَلالُهُ، ولا يُسِيئَ الظَّنَّ بالله جلَّ عُلاَه. لأَنَّ الله يقول في الحديث القدسي الذي رواه النَّبي صلى الله عليه وسلَّم عَنْ رَبِّهِ: {أنّا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي}، رواه البُخاري ومُسلِم من حديث أبي هُرَيْرَة. وفي رواية أخرى من حديث جابر إبن عبد الله رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم يقول قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلاثَةِ أيَّامٍ يقول: {لا يـَمُوتُ أَحَدَكُمْ إلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بالله}. وفي رواية أحمد بِسَنَدٍ صحِيح أَنَّه صلَّى الله عليه وسلم قال: {أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، فَلِيَظُنَّ بي مَا شَاء}. وفي لَفْظٍ في مُسْنَدِ أحمد أيضاً: {أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، فَلِيَظُنَّ بي مَا شَاء، إنْ ظَنَّ بي خيراً فَلَهُ، وإنْ ظّنَّ بي شَرًّا فَلَهْ}.

 

فَعَليكَ أنْ تَظُنَّ بالله جَلَّ وعَلاَ خيراً. لأَنَّ حُسْنُ الظَّنِّ بالله مَعْنَاهُ تَرْجِيحُ جَانِبِ الخَيْرِ عَلى جَانِبِ الشَّرْ. أَوْ تَرْجِيحُ جَانِبِ الرَجَاءِ عَلى جَانِبِ الخَوْفِ. وَيَتَوَهَّمُ كثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ أنَّ حُسْنُ الظَّنِّ بالله مَعْنَاهُ أنْ يَتْرُكَ العَمَلْ، وأنْ لاَ يَـمْتَثِلَ إلى الأَمْرَ، وألَّا يَتَجَنَبَ النَّهْيَ، وأن لا يقف عند حفوح الله، وأن يتجرَّأ بالمعصية في الخلوة والخلوة، ثم بعد ذلك يقول: "أنا أُحسِنُ الظَّنَّ بالله". وهذا غيرُ صحيح. لأنَّ هذا ظلالٌ مُبِيْن. لَوْ صَدَقَ لَعَمِلْ. قال الحسن البصري: إنَّ قوماً أَلْهَتْهُمُ الأمَاني بِالـمَغْفِرَةِ حتَّى خَرجُوا مِنَ الدُّنيا ولاَ حَسَنَةَ لَهُمْ. وقالوا: نحنُ نُحْسِنُ الظَّنَّ بالله. قال الحسن البصري: وكَذَبُوا. ولَوْ أَحْسَنوا الظَّنَّ لأَحْسَنوا العَمَل.

 

أَحْسِنوا الظَّنَّ بالله جَلَّ وعَلَا، وأحْسِنُوا العَمَل. قال الله جَلَّ وعلا: {وَٱسْتَعِينُوا۟ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَوٰةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلْخَـٰشِعِينَ } ،، من هم؟ الذين يعملون ثم يظنُّون بالله جلَّ وعلا الظَّنّ الحَسَن،، { ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَـٰقُوا۟ رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَ‌ٰجِعُونَ}46-2:45.

 

هذا مِنْ بابِ حُسْنِ الظَّنِّ بالله تبارك وتعالى. يقُولُ الله جَلَّ وعلا: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ..} 9:118. هذا هو حُسْنُ الظَّنِّ بالله جَلَّ وعَلَا. ثُمَّ أنْ تَظُنَّ الله جَلَّ وعَلَا إنْ دَعَوْتَهُ أَجَابَك. أَنْ تكون على يَقِينٍ بِأَنَّكَ إنْ تَوَكَّلت عليهِ كَفَاك. أَنْ تكون على يَقِينٍ بِأَنَّكَ إنْ سَأَلْتَهُ أَعْطَاك. أَنْ تكون على يَقِينٍ بِأَنَّكَ إنْ تَذَلَّلْتَ إِليهِ وتَضَرَّعْتَ إليهِ وَفَوَّضْتَ أَمْرَكَ إلَيْهِ نَـجَّاك. فحُسْنُ الظَّنِّ بالله أَنْ تَعْمَلَ مَا إسْتَطَعْتَ، وأنْ تَجْتَنِبَ النَّهْيَ مَا إسْتَطَعْتَ، وأنْ تَقِفَ عِنْدَ حُدُودِهِ مَا إسْتَطَعْتَ. فَإِنْ زَلَّتْ قَدَمُكَ، جَدِّدِ التَّوْبة والأَوْبَةَ مَا إسْتَطَعْتَ، وأَحْسِنَ الظَّنَّ بالله، يَغْفِرُ لَكَ ويَتُوبُ عليك في كُلِّ مَرَّة. ولا تَظُنَّ بالله ظَنَّ سُوءٍ أَبَداً. ثُمَّ أحْسِنوا الظَّنَّ بالمسلمين والمؤمنين والمسلمات والمؤمنات مـِمَّنْ ظَاهِرُهُم العَدَالة والخَيْر والصَّلاح. فَلاَ يَجُوزُ لك أبداً أنْ تَظُنَّ بِـمَنْ ظَاهِرُهُم خَيْر إلا خَيْراً. وإيَّاكَ أنْ تَنْظُرَ إلى النَّاس بِسُوْءِ الظَّنْ. لأنَّ سُوءَ الظَّنِّ يَحْرَقَ القُلُوب، ويُـمَزِّقَ أَوَاصِرَ المحَبَّة، وعلاقاتِ الأُخُوَّة. يقول النَّبي صلى الله عليه وسلم وهُوَ يُحَذِّرُنَا: {إيّاكُم والظَّن، فَإنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيْثْ}.

 

إذا نّظَرْتَ إلى النَّاسِ أَنَّـهُـم يَحْسُدُونَك، أو أنهم يكْرَهُونَك، فسَتَعِيشُ مُعَذَّباً. وَسَتُسِيءُ الظَّنَّ فِيْهِمْ. أُنْظُرْ إلى النَّاسِ أَنَّــهُمْ يُحِبُّونَ لك الخَيْر. ثُمَّ أُنْظُر إلى المؤمنين أنَّهم يَفْعَلون الخير، ويُطِيْعُون الله. أحْسِنِ الظَّنَّ بالمسلمين وبالنَّاس جميعا. وإذا رأيْتَ إنْسَاناً علَى أَمْرٍ يَحْتَمِلُ الخير أو الشَّر، فاحْمِلْهُ على الخير. ألاَ تُحِبُّ أَنْ يُحْسِنَ النَّاسَ الظَّنَّ بِك؟ بَلى. كَذَلك أحْسِنِ الظَّنَّ بالنَّاس.

.


faheemfb@gmail.com   فهيم أبوخـطـوة ،، البريد الإلكتروني