خطب الجمـعة |
![]() |
|
237 |
بسم الله الرحمن الرحيم
الظُّلْم ـ مُحَرَّمٌ
كتبها : الشيخ عبد الرزّاق طاهر فارح
ترجمها إلى الإنجليزية : د . فهيم بوخطوة
19 ربيع الأوَّل 1444 هـ
14 أكتوبر 2022 م
الحمد لله ،،، الحمد لله الذي أنزل القرآن بِلِسَانٍ عربي مُبِين،، وفَصَّل آياتِه،، قُرآناً عربِيَّاً لقوم يعلمون ، بشيراً ونذيرا.
والصلاة والسلام على أفصح العرب قاطبةً،، مَنْ آتاه الله جوامع الكَلِم،، وعلى آله وأصحابه،، وعلى كُلّ مَنْ إِهْتَدَى بِهَدْيِه، واسْتَنَّ بِسُنَّتِه،، واقتَفَى أثَرَهُ،، إلى يومِ الدِّين.
أسأل الله تبارك وتعالى الذي جمعنا في هذا المسجد المبارك على طاعته،، أنْ يجمعنا في الآخرة مع النَّبيين والصِّدِّيقين والشهداء والصَّالحين وحَسُنَ أولئك رفيقا.
أحبتي في الله ،
روى الإمام مُسلم والتَّرمذي وإبن ماجة وأحمد والطبراني وغيرهم من حديث أبي ذَرٍّ الغفاري رضي الله عنه أنَّ الحبيب النَّبي صلَّ الله عليه وسلَّم قال: {قال الله تعالى في الحديث القدسي: {يا عبادي،، إنِّي حرَّمتُ الظُّلْمَ على نفسي، وجعلته بينكم مُحَرَّماً. فلا تظالموا .... إلى آخر الحديث }}. هذا تأكيد لتحريم الظُّلم بصِيغَةٍ مِنْ أبلغ الصِّيَغْ.
فما هو الظُّلم؟ قال عُلمائنا: الظلم هو مُجاوزة الحَدِّ، بِزيادة أو بِنَقصان. فمَن تجاوَز الحَدَّ بِزِيادة فقد وقع في الظلم، ومَنْ تجاوز الحدَّ أيضا بِنَقصٍ (أيْ بِسَلْبِ الحقِّ أو إِنْقَاصِهِ) فقد وقع أيضا في الظلم.
والظلم أَيُّها الأحِبَّةُ نَوعان، ظُلمٌ لِنَفسك، وظُلمٌ لغيرك، وكِلاهُمَا ظلم. سَيُسْأَلُ أحَدُنَا عَنْهُما بينَ يَدَيْ الله جَلَّ وعلا. أَمَّا ظُلم النَّفْسِ فهو مِنْ أقبح أنواع الظلم. وَهُوَ أَنْ تقع النَّفْسُ في الشِّركِ أو المعاصي. كما قال الله جَلَّ وعلا: {لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ إِنَّ ٱلشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [لقمان:12]. وفي الصَّحِيْحَين مِن حَدِيث إبن مسعود رَضِيَ الله عنه لّمَّا نَزَلَ قَوْل الله تعالى: {
الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} الأنعام 6:82،، شَقَّ ذلك على أصحاب النَّبي صلَّ الله عليه وسلَّم وذَهَبوا إِليهِ وقالوا: "يا رسول الله، أيُّنَا لا يَظْلِمُ نفسه؟ فقال صلَّ الله عليه وسلَّم: {إِنَّه ليس الأمْرُ الّذِي تَعْنُون. أَلَمْ تَسْمَعوا قول العبدِ الصَّالحِ: (.. يٰبُنَىَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ إِنَّ ٱلشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان:12]}.فأظلم الظُّلم: الوُقُوع في الشِّرْك، والوُقوعُ في الكبائِر بعد الشِّرك، والوُقُوع في الصَّغائر.
خَلِّ الذُّنُوبَ صغــِيرَها وكبيرَها، فَـــهُوَ التُّقَى.
واصنع كَمَاشٍ فوق أرضِ الشَّوكَ يَحْذَرُ مَا يَرى.
لا تَــحْقِــرَنَّ صَغِـــيرَةً إنَّ الجِــبَالَ مِنَ الحَــصى.
أمَّا النَّوعُ الثاني مِنْ أَنْواعِ الظُّلم فَهُوَ ظُلْمُ العِبَاد بعضهم البَعْض. ظُلْمُ الغَنيُّ للفَقِير، وظُلْمُ الأقوى للضعيف، وظُلْمُ الإنسانِ للإنسان أّياًّ كان هذا الإنسان. فالظُلم للكافر ظُلْم، كما أنَّ الظُلم للمسلِمِ ظُلْم. قال الله جلَّ وعلا: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ لِلَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَـَٔانُ قَوۡمٍ عَلَىٰٓ أَلَّا تَعۡدِلُواْۚ ٱعۡدِلُواْ هُوَ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} المائدة 5:8. إِنَّ الله يُقِيمُ دولة العَدْلِ وإِنْ كانَتْ كافرة، ولا يُقِيم دولَةَ الظُّلْمِ وإِنْ كانت مُسْلِمَة.
عباد الله، أُحذِّرُكُمْ عَنِ الظُّلم إِذا دَعَتْكَ قُدْرَتُك على ظُلْمِ الخَلقِ والعِبَاد، فَتَذَكَّر قُدْرَةَ اللهِ عليك. إِعْلَم بأَنَّك ضَعِيف. إِسْمَع مَاذا قال مُعاوية إبن أبي سُفْيَان رضِيَ الله عنه، قال: "واللهِ إِنِّي لأَخَافُ وأسْتَحِي أَنْ أَظْلِمَ أحَداً لَيْسَ لَهُ ناصِرٌ عَلَيَّ يَوم القِيَامَةِ إِلاَّ الله". واعلم أَنَّ الظُّلمَ يَجْنِي ثمرته في الدنْيَا قبل الآخِرة. قال صلَّ الله عليه وسلّم كما في الحديث الصَّحيح الذي رواه البخاري في التاريخ الكبير، ورواه الطَّبراني، قال: {إثنان يُعَجِّلُهُم الله في الدنيا قَبْلَ الآخرة: البَغْيِ (أيْ الظُّلْم) وَعُقُوقُ الوَالدَيْنِ}. فَالظَّالِمُ لابُدَّ أَنْ يَجْني ثَمَرَةَ ظُلْمِهِ في الدُّنيا قبل الآخرة. كما في الصَّحيحين من حديث أبي موسى
الأشعري قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلّم: {إِنَّ اللَّه لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ}. إقرأوا إِنْ شِأْتُمْ قوله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِىَ ظَٰلِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} هُود 11:102.
الخطبة الثانية،،
الحمد لله ،، الحمد لله الذي هدانا لهذا ،، وما كنَّا لنهتدي لولا أنْ هدانا الله
وأشهد أن لا إله إلا الله ،، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله ،،
صلّ الله عليه وعلى آلِه وأصحابه،
ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّينأحبَّتي في الله ،، ألا صلُّوا وسلِّموا على من أمركم الله بالصلاةِ عليه،،
إنَّ الله وملائكته يصلُّون على النَّبي ،، يا أيُّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلِّموا تسليما
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهم، إنَّك حميد مجيد
اللهم بارِك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهم، إنَّك حميد مجيد
اللهم إنَّا نسألك رضاك والجنَّة ،، ونعوذُوا بكَ اللّهُم من سخَطِكَ والنَّار.
اللهم إنَّا نسألك العفو والعافية ،، في الدنيا والآخرة.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات
إنَّك سميعٌ قريبٌ مجيب الدعوات،،
يارب ، لا تَدَعْ لنا ذنبًا إلا غفرته، ولا همَّا إلا فَرَجْتَه، ولا ديناً إلا قَضَيتَه، ولا مريضاً إلا شَفَيتَه،
ولا حاجة من حوائج الدنيا، لك رِضَى، ولنا فيها صلاح إلا قضيتها وأعنتها يا أرحم الرَّاحمين
اللهم إنَّا نعوذ بك من والبَرَصِ والجُنُونِ والجُذَامِ ومِنْ سَيِّءِ الأسْقَام
اللهم ربَّنَا آتِنا في الدنيا حَسَنَةً ، وفي الآخرة حسنة، وقِنَا عذابَ النَّار
اللهم إنَّا نُحِبُّ نَبِيُّك ونُحِبُّ أصحاب نَبِيُّك ، فاحشرنا معهم وإن لم نعمل بِمِثْلِ أعمالهم ، يا أرحم الراحمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين
Faheem Bukhatwa, my email
address is : faheemfb@gmail.com