| 
     خطب الجمـعة |  | 
     | 239 | 
بسم الله الرحمن الرحيم
الزَّلازل
كتبها : الشيخ عبد الرزّاق طاهر فارح
ترجمها إلى الإنجليزية : د . فهيم بوخطوة
04 شعبان 1444 هـ
24 فبراير 2023 م
الحمد لله ،،، الحمد لله الذي أنزل القرآن بِلِسَانٍ عربي مُبِين،، وفَصَّل آياتِه،، قُرآناً عربِيَّاً لقوم يعلمون، بشيراً ونذيرا.
والصلاة والسلام على أفصح العرب قاطبةً،، مَنْ آتاه الله جوامع الكَلِم،، وعلى آله وأصحابه،، وعلى كُلّ مَنْ إِهْتَدَى بِهَدْيِه، واسْتَنَّ بِسُنَّتِه،، واقتَفَى أثَرَهُ،، إلى يومِ الدِّين.
أَسأَل الله تبارك وتعالى الذي جمعنا في هذا المسجد المبارك على طاعته،، أنْ يجمعنا جميعا مع النَّبيين والصِّدِّيقين والشهداء والصَّالحين، وحَسُنَ أولئك رفيقا.
أحبتي في الله،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن اهتدى بهداه، أما بعد :
فإن الله سبحانه وتعالى حكيم عليم فيما يقضيه ويقدره، كما أنه حكيم عليم فيما شرعه وأمر به، وهو سبحانه يخلق ما يشاء من الآيات، ويقدرها تخويفا لعباده وتذكيراً لهم بما يجب عليهم من حقه، وتحذيرا لهم من الشرك به، ومخالفة أمره، وارتكاب نهيه، كما قال الله سبحانه: ( وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ). وقال عز وجل: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ). وقال تعالى: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ) إلى آخر الآية.
وروى البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لما نزل قول الله تعالى {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعوذ بوجهك، قال: {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قال : أعوذ بوجهك. وروى أبو الشيخ الأصبهاني عن مجاهد في تفسير هذه الآية: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فوْقِكُمْ) قال: الصيحة والحجارة والريح. ( أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ) قال: الرجفة والخسف.
ولا شك أن ما حصل من الزلازل في هذه الأيام في جهات كثيرة هو من جملة الآيات التي يخَوِّفُ الله بها سبحانه عباده. وكل ما يحدث في الوجود من الزلازل وغيرها مما يضر العباد ويسبب لهم أنواعا من الأذى، كله بأسباب الشرك والمعاصي، كما قال الله عز وجل: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) وقال تعالى: (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) وقال تعالى عن الأمم الماضية: (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) .
فالواجب على جميع المكلفين من المسلمين وغيرهم، التوبة إلى الله سبحانه، والاستقامة على دينه، والحذر من كل ما نهى عنه من الشرك والمعاصي، حتى تحصل لهم العافية والنجاة في الدنيا والآخرة من جميع الشرور، وحتى يدفع الله عنهم كل بلاء، ويمنحهم كل خير كما قال سبحانه: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ). وقال تعالى في أهل الكتاب: (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ). وقال تعالى: ( أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ). وقال العلامة ابن القيم (رحمه الله) ما نصه: (وقد يأذن الله سبحانه للأرض في بعض الأحيان بالتَّنفُّس فتحدث فيها الزلازل العظام، فيحدث من ذلك لعباده الخوف والخشية، والإنابة والإقلاع عن المعاصي والتضرع إلى الله سبحانه، والنَّدَم.
عباد الله ،، تعجز الكلمات عن وصف هذه المشاهد المرَوِّعة المؤلمة للزلازل في سوريا وتركيا. تخلع القلوب عندما ترى ما يحدث، فكيف بمن يعيش هذه المأساة ممن قُتِلوا وأصيبوا، وهُدِّمت بيتوهم وفقدوا كل شيء في ثوانٍ معدودات. بل ولا يزالوا إلى اليوم تحت الأنقاذ والرُّكام.
أيُّها الأحبَّة ،، أَرُوا الله تبارك وتعالى مِنْ أنفسكم خيراً. مدُّوا يد العون بالصِّدق والسَّخاء لهؤلاء المنكوبين والمصابين والمشردين
قال الله تبارك وتعالى: {وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ} 2:195. وقال الله تبارك وتعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ} 7:56. وقال الله جلَّ وعلا: {نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَشَآءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ{ 12:56. وقال الله جلَّ وعلا: {إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ وَٱلْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ{ 57:18. وقال الله جلَّ وعلا: {وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ} 34:39. وقال النّبي صلى الله عليه وسلم {من فرّج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا،، فرَّج الله عنه كُربة من كُرَب يوم القيامة}. فما أعظم هذا الأجر.
أحبتي في الله ،، بعد هذه المشاهد المرَوِّعَة والمخَوِّفَة التي يرسلها الله تبارك وتعالى لإيقاظ القلوب، أُذَكِّرُ نفسي والمسلمين بالتَّوبَةِ والإستغفارِ إلى رَبِّ الأرضِ والسَّمَوَاتِ حتىَّ نَنْجُوا في الدُّنيا والآخرة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، إنَّه هو الغفور الرَّحيم.
الخطبة الثانية،،
الحمد لله ،، الحمد لله الذي هدانا لهذا ،، وما كنَّا لنهتدي لولا أنْ هدانا الله
وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله ،،
صلّ الله عليه وعلى آلِه، وعلى كلُّ مَنْ إهتدَى بهديه، واستَنَّ بِسُنَّتِه واقتفى أثره إلى يوم الدِّين.
أحبَّتي في الله ،، ألا صلُّوا وسلِّموا على من أمركم الله بالصلاةِ عليه،،
إنَّ الله وملائكته يصلُّون على النَّبي ،، يا أيُّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلِّموا تسليما
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهم، إنَّك حميد مجيد
اللهم بارِك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهم، إنَّك حميد مجيد
اللهم إنَّا نسألك رضاك والجنَّة ،، ونعوذُوا بكَ اللّهُم من سخَطِكَ والنَّار.
اللهم إنَّا نسألك العفو والعافية ،، في الدنيا والآخرة.
اللهم إنَّا نعوذوا بك من البرص والجنون والجذام ومن سيِّء الإسقام
يارب ، لا تَدَعْ لنا ذنبًا إلا غفرته، ولا همَّا إلا فَرَجْتَه، ولا ديناً إلا قَضَيتَه، ولا مريضاً إلا شَفَيتَه،
ولا حاجة من حوائج الدنيا، لك رِضَى، ولنا فيها صلاح إلا قضيتها وأعنتها يا أرحم الرَّاحمين
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات
إنَّك سميعٌ قريبٌ مجيب الدعوات،،
ربَّنَا آتِنا في الدنيا حَسَنَةً ، وفي الآخرة حسنة، وقِنَا عذابَ النَّار.
اللهم إنّا نسألك خير المسألة، وخير الدُّعاء، وخير النجاح،
وخير العلم، وخير العمل، وخير الحياة، وخير الممات،
وثبِّتنا وثبِّت موازيننا، وحقِّق إيماننا، وارفع درجاتنا، وتقبَّل صلاتنا ، وصيامنا، وركوعنا، وسجودنا
برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك،
ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهوِّن به علينا مصائب الدنيا
ومتعنا اللهم بأسماعنا، وأبصارنا ، وقوّتنا أبداً ما أبقيتنا، واجعله الوارث منَّا.
واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا
ولا تجعل الدنيا أكبر همِّنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا
برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم إنَّا نُحِبُّ نَبِيُّك ونُحِبُّ أصحاب نَبِيُّك ، فاحشرنا معهم وإن لم نعمل بِمِثْلِ أعمالهم ، يا أرحم الراحمين.
اللهم تقبل منَّا،، إنَّك أنت السميع العليم، وتُبْ علينا يا مولانا إنَّك أنت التوَّاب الرحيم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين
وأَقِمِ الصَّلاة.
	
	
	
 
	
 
	
 
 
 
   
   
 
    Faheem Bukhatwa, my email 
address is : faheemfb@gmail.com