خطب الجمـعة |
|
|
62 |
بسم الله الرحمن الرحيم
عالمية الإسلام
كتبها : ش
ترجمها إلى الإنجليزية: د . فهيم بوخطوة
00 / ممممممم / 0000 هـ
00 / ممممممم / 0000 م
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده، ورسوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} سورة آل عمران: 102.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} سورة النساء: 1
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} سورة الأحزاب: 70 ، 71.
أما بعد ..
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار.
أيها الإخوة الكرام بداية من هذه الخطبة سوف نسير بمنهجية في تصليط الضوء على قضية واحدة ، نحاول أن نعيها ونفهمها كما فهمها السلف الأول والقضية هي عالمية الإسلام.
ولعلكم تلاحظون أننى قد تعمدت أختيار هذا الموضوع عمداً، نظراً لهذه الأحداث المؤلمة التى تمر بها أمتنا فى هذه الأيام وأنا الذى أكرر القول: إنه لا ينبغى للدعاة الصادقين أن يكونوا بموضوعاتهم واطروحاتهم فى جانب وأن تكون الأمة بجراحها ومشكلاتها وأزماتها فى جانب آخر، ومن ثم اخترت هذا الموضوع ألا وهو(التعريف بعالمية دين الإسلام ).
أحبتى فى لله الإسلام هو المنة الكبرى والنعمة العظمى التى لم يختارها الله تبارك وتعالى لإسعاد العرب فحسب، بل اختار الله هذه النعمة ليسعد البشرية كلها فى الدنيا والآخرة، فالإسلام هو الدين الوحيد الذى ارتضاه الله جل وعلا لأهل الأرض بل ولأهل السماء ما أنزل الله الإسلام للمسلمين وللعرب فقط، بل لقد أختار الله الإسلام دينا لأهل الأرض وقال سبحانه : {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ } (19) سورة آل عمران. لذا ما أرسل الله نبيا ولا رسولا إلا بالإسلام، وتدبروا معى هذه الأدلة السريعة بداية من نبى الله نوح الذى قال كما قال عنه ربنا حكاية عنه فى سورة يونس: { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (72) سورة يونس.
وما بعث الخليل إبراهيم إلا بالإسلام قال تعالى: {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ* إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (130-132) سورة البقرة.
وما بعث الله يعقوب إلا بالإسلام قال تعالى: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (133) سورة البقرة.
وما بعث الله نبيه يوسف إلا بالإسلام قال تعالى فى آخر سورة يوسف: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} (101) سورة يوسف.
وما بعث الله سليمان إلا بالإسلام وهذا وهو كتابه لملكة سبأ والتى قرأته على أتباعها فى مملكتها قالت: {قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} (31) سورة النمل. وما دخلت فى الإسلام إلا يوم أن شرح الله صدرها للحق قالت: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (44) سورة النمل. وما بعث الله نبيه موسى إلا بالإسلام قال الله حكاية عنه: {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ} (84) سورة يونس. وما بعث الله نبيه عيسى إلا بالإسلام قال الله حكاية عنه: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (52) سورة آل عمران. بل وإن دين الجن المؤمنين هو الإسلام قال الله عز وجل حكاية عنهم: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا* وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}(14-15) سورة الجن. ، وما بعث الله لنبة التمام ومسك الختام إلا بالإسلام قال تعالى لنبيه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (3) سورة المائدة. وأنزل عليه سبحانه وتعالى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (85) سورة آل عمران.
فالإسلام دين أهل السماء ودين أهل الأرض ليس دين العرب فحسب وليس دين المسلمين فحسب، بل هو دين البشرية كلها، ووالله ما ذلت البشرية كلها ولفحها هذا الحريق القاتل وأرهقها طول المشى فى التيه والظلام إلا يوم أن أعلنت الحرب على الإسلام، إلا يوم أن انحرفت الأمة عن هذا الدين العظيم الذى ارتضاه الله للبشرية كلها، عندما انحرفت عنه فذاقت طعم الخوف والرعب والقلق والحزن والهم والغم.
فالعالم محروم من نعمة الأمن، بل والملايين ينتظرون الموت فى كل لحظة ضاقت الأرض أمامهم، الأضواء هنا وهناك والعالم محروم من نعمة الإستقرار والرخاء وراحة النفس وهدوء البال وانشراح الصدر، كل هذه ثمرة مرة للبعد عن هذا الدين العظيم، ووالله لن تسعد البشرية قط إلا أن فاءت من جديد لهذا المنهج الربانى إلى هذا المنهج الذى ارتضاه لكل البشرية ديناً ، ومن الجهل الفادح بل والظلم البين أن يتهم هذا الدين هذا الإسلام بالتطرف والإرهاب والجمود والرجعية والوحشية والبربرية،
وأرسل أبو عبيدة بن الجراح من الشام إلى أمير المؤمنين الفاروق الأواب عمر ابن الخطاب رضى الله عنه ليستشيره فى أمر الجند، لقد منح جندى من جنود الجيش الإسلامى عهداً بالأمان لبلد كامل من بلاد العراق، أمر خطير دون أن يرجع لقائده منح جندى بالأمان لأهل بلد فى العراق فأرسل أبو عبيدة لعمر رسالة ليستشيره ماذا يصنع، تدبر ماذا قال عمر أرسل كتابه بسرعة إلى أبى عبيدة بعد حمد الله والثناء عليه: من عبد الله والله ما نصروا إلا يوم أن كانوا عبادا لله: من عبد الله عمر بن الخطاب إلى أبى عبيدة بن الجراح وبعد فإن الله تعالى قد عظم الوفاء ولا تكونون أوفياء حتى توفوا لهم بعهدهم وتستعينوا الله عليهم.
انتبه معى لتقف على درسين من أعظم الدروس، أما الأول فلقد بين عمر ابن الخطاب أن كرامة الفرد المسلم ككرامة قائدة، فلا فرق بين جندى وقائد أعطى الجندى عهداً بالأمان فليفى الجندى امتثالا لعهده امتثالاً عملياً من عمر يقول النبى
كما فى صحيح البخارى: "المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم على أعلاهم".
الدرس الثانى: لا تكونون أوفياء حتى تفوا فيحول عمر هذا الخلق الكريم إلى واقع عملى فحضارة الإسلام لم تحبس أخلاقها كما حبست هيئة الأمم ميثاق حقوق الإنسان فى الأواق والأدراج، ولم تحبس الحضارة الإسلامية كلامها نظريا باهتا بارداً كما فعلت الثورة الفرنسية مبدأ الحقوق الإنسانية وأمن الناس جميعا سواء استبعد القانون الفرنسى نفسه قرابة ما يزيد على نصف الشعب الفرنسى من التصويت فى الانتخابات، لأنهم يعتبرون المواطن الفقير مواطنا سلبياً لا يحق له أن يصوت فى الانتخابات، الحضارة الإسلامية لم تحبس نظرياتها باردة باهتة كما فعلت رائدة الحضارة الغربية أمريكا فأنت تصطدم بتمثال الحرية فى قلب نيويورك فى الوقت الذى تسحق فيه أمريكا الأحرار على وجه الأرض فى كل مكان لا... الإسلام لا يعرف النظريات لا يعرف المثل النظرية بل ينظر ويحول هذه المثل النظرية على أرض الواقع إلى حياة إلى منهج يتألق سمواً وروعة وعظمة وجلالاً، وها هو من أصل هذه الحضارة إن صح التعبير ها هو المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول: "وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".
الإسلام دين الرحمة دين التسامح دين الوفاء دين الخلق ، فيجب على الأمة الآن أن تجيش كل طاقاتها وإمكانياتها وأموالها وقدراتها لخدمة هذا الدين، فما أحوج العالم كله الآن ليتعرف على الصورة المشرقة للإسلام، والكل سيسأل بين يدى الله جل وعلا بحسب قدرته، واستطاعته عبر بكلمة، عبر بمالك، عبر عن انتمائك لهذا الدين بوقتك بجهدك بفكرك، ولهذا أنتم على موعد مع حديث جبريل لنفهم مرامي هذا الحديث ونعيش معه ونبني أعمدة راسخة في ذلك أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم.
وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين
.
faheemfb@gmail.com فهيم أبوخـطـوة ،، البريد الإلكتروني