خطب الجمـعة |
![]() |
|
186 |
|
بسم الله الرحمن الرحيم
التعامل مع الآخرين
كتبها : الشيخ عبد الرزّاق طاهر فارح
ترجمها إلى الإنجليزية : د . فهيم بوخطوة
29 ربيع الثاني 1438
27 يناير 2017
أحبتي في الله ،،،
قال تعال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} 3:103. الله تبارك وتعالى يأمر عباده أن يتمسّكوا جميعا بحبل الله. "وحبل الله" قال إبن عبّاس، أي تمسّكوا بدين الله، ولا تفرّقوا. أي عليكم بالجماعة. أعزّنا الله جلّ وعلا بالإسلام. وإذا إبتغينا العزّة في غيره أذلنا الله. والإسلام هو الدين الذي إرتضاه الله لأهل السموات والأرض، وما بعث نبياً ولا رسولاً من لَدُنْ نوح إلى محمد صلوات الله عليهم أجميعين، إلا بالإسلام. وبيَّن الله جلّ وعلا أنه لا يَقبَل غير الإسلام فقال: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 3:85. وهو دين كامل لا نقصان فيه. ولا يستطيع أحدٌ أن يزيد عليه شيئاً أو ينقص منه شيء. وهو محفوظ بموعود الله تبارك وتعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} 15:9.
"واعتصموا بحبل الله" أي تمسّكوا بدينكم، واعتزّوا بإسلامكم، وحقِّقوا إنتمائكم لهذا الدين، وتخلّقوا بأخلاق هذا الإسلام العظيم، من الأدب والرحمة، والعِفّة والتسامح، والإصلاح والحكمة، والأدب الرَّفيع، والبذل والعطاء والعمل، والمروءة والإنتاج. أيها الأحبّة نحتاج أن نتخلّق بخُلُقِ هذا الدِّين، وبخلق النبي صلى الله عليه وسلم الذي بيَّن وقال: {إنّما بُعِثتُ لإتمم صالح الأخلاق}. وفي لفظ حسن {إنّما بُعِثتُ لأتمم مكارم الأخلاق}. ونبدأ بأنفسنا أولاً. نُصلح بيننا، ونظن بإخواننا الظنّ الحسن. ونقول لهم الكلمة الطيِّبة والقول الحسن. ويُسلِّم بعضنا على بعض لأنَّ المعاملة الحسنة تزيد حسنًا وتزيد الأخوّة. ونفتح صدورنا لإخواننا، لأنّ سلامة الصدر تُوَرِّثُ صاحبه الجنّة. وقال تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} 3:134. أي لا يعملون غضبهم في النّاس، بل يكفُّون عنهم شرّهُم، ويعفون عن من ظلمهم في أنفسهم، ويحتسبون ذلك عند الله عزَّ وجل. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: {وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عِزّاً، ومن تواضع لله رفعه الله}. وكما في الحديث الذي رواه أنس رضي الله عنه قال: يقول النبي صلى الله عليه وسلم {يطلع عليكم رجل الآن من أهل الجنّة}. قال فطلع علينا رجل من أهل الأنصار. فلما كان الغد، قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل. فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضا، فطلع نفس الرجل. فتبعه عبد الله إبن عمر إبن العاص ليعلم كيف بلغ هذه المنزلة. وبات عند الرَّجل ثلاثة ليالٍ، فلم يجده يعمل كبير عمل، إلا أنه لا يجد في نفسه على أحدٍ من المسلمين غِشّاً ولا حسداَ على ما أعطاه الله إياه. فقال عبد الله: "هذه التي بَلَغَتْ بك. هي التي لا نطيق".
أحبتي في الله،، من أفضل الأعمال هي أن تكُفَّ لسانك عن إخوانك وعن النّاس، كما في الحديث الذي رواه أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: أيُّ المسلمين أفضل؟ قال: {من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده}. وقال عليه الصلاة والسلام كما في صحيح البخاري وغيره: {من يضمن لي ما بين لحييه (أو فكّيه) ومابين رجليه أضمن له الجنّة}.
عباد الله ، راقبوا الله في جميع أقوالكم وأفعالكم، وقولوا قولاً مستقيماً مرضياً لله حقاً غير باطل، وقولوا للنَّاس حُسناً. قال الله عزّ وجل: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} 17:53. يقول الشيخ السعدي رحمه الله: "وهذا من لُطفه بعباده حيث أمرهم بأحسن الأخلاق والأعمال والأقوال الموجِبَةَ للسعادة في الدنيا والآخرة".
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، إنَّه هو الغفور الرحيم،،،،
(الخطبة الثانية)
الحمد لله،، الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كُنَّا لنهتديَ لولا أن هدانا الله،،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمَّداً عبد الله ورسوله، صلَّ الله عليه وعلى صحبه أجمعين،،
أحبتي في الله،،،
كُن قابل العذر واغفر زلَّة النَّاسِ .... ولا تُطع يا لبيب أمر وسواسِ
فالله يــكـره جــباراً يُشاركــــــه .... ويكره الله عبداً قلبه قاسِ
هلا تذكرت يوماً انت مدركه .... يوماً ستُخرج فيه كل انفاسِ
يوم الرحيل عن الدنيا وزينتها .... يوم الوداع شديد البطش والباسِ
ويوم وضعك في القبر المخيف .... وقد رَدُّوا التُّراب بأيديهم وبالفاسِ
ويوم يبعثُنا والارض هائجةٌ .... والشمس مُحرقةٌ تدنو من الراسِ
والناس في مُنتهى جوع وفي ظمأ .... وفي شقاءِ وفي همٍّ وإفلاسِ
يفرُّ كلُّ إمرئٍ من غيره فرقاً .... هل أنت ذاكرُ هذا اليومَ أمْ ناسي
سيُرسِلُ الله أملاكاً مُناديةً .... هيَّا تعالوا لربٍّ مُطْعِمٍ كاسي
هيا تعالوا إلى فوزٍ ومغفرةٍ .... هيَّا تعالوا إلى بِشرٍ وإيناسِ
أين الذين على الرحمنِ أجرُهُمُ .... فلا يقوم سوى العافي عن الناسِ
ألا صلُّوا على من أمركم الله بالصَّلاة عليه،، إنَّ الله وملائكته يُصلُّون على النَّبي، يأيُّها الذين آمنوا صلُّوا عليه وسلموا تسليما،،