Checkout

خطب الجمـعة

faheemfb@gmail.com

188

      

 

     

 

     


بسم الله الرحمن الرحيم

العباد والعبيد

 

كتبها : الشيخ  عبد الرزّاق طاهر فارح

ترجمها إلى الإنجليزية : د . فهيم بوخطوة

 

17  رجب 1438

14  أبريل 2017

 

أحبتي في الله ،،

يقول الله جلّ وعلا: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} 51:56. هذه الآية ذكر الله فيها لماذا خُلِقْنا. عِلّة خلقنا أن نكون عباداً. والله جلّ وعلا لـمّا أمرنا بهذا، وبيَّن لنا أنَّ هذه هي عِلَّة خلقنا، عَلِمَ أنَّ بعض عباده لن يستجيب إلاّ بتشوُّق، فشوَّقَنا.

أولاً: ما الفرق بين العباد والعبيد؟

العباد جمعٌ مفرده عبد. والعبيد جمعٌ مفرده عبد. والعبد باللغة العربية يُطلق على الممْلوك. العبد في اللغة هو ضد الحر. لكن العبد أحياناً يُجمع على عِباد، وأحياناً يُجمع على عبيد. الفرق بينهما في الغالب، أنَّ العبد الذي هو المملوك المشترى بالمال، يُجمع على عبيد. أما العبد الذي هو العابد يُجمع على عِباد.وعلى هذا فإنَّ كلُّ خَلق الله عبيداً، وليس كلُّ خَلق الله عباداً. كلُّ مَن خَلقَ الله تبارك وتعالى عبيداً. لماذا؟ لأنَّهم مملوكون له، مقهورون له. إذا قال لأحدهم: مُتْ، مات. وإذا قال لأحدهم: إِمرضْ، يمرض. لا أحد يَقْدِر أن يقول: "أنا لا أريد أن أموت الآن" إذا أتاه أمر من الله أن يموت. كما قال الله تعالى: {إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ} 3:47.

وليس كل النّاس عباداً ، فمنهم من آمن ، ومنهم من كفر. فكلُّ النَّاس عبيد، وليس كلّهم عباداً. ولو أدرك النَّاس ما أعدَّه الله لعباده لرجو أن يكونوا كلُّهم عباداً له. الله جلَّ وعلا يحفظهم من الشّيطان الرَّجيم. قال جلَّ وعلا: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} 15:42. الله جلَّ وعلا يلطُفُ بهم. قال جلَّ وعلا: {وَإِذَا اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ} 42:19. الله جلَّ وعلا أيضا قريباً لعباده. قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} 2:186. الله جلَّ وعلا يغفر ذنوبهم إذ يقول: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} 39:53.

الله جلَّ وعلا يقبل توبتهم، إذ يقول: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} 42:25. الله جلَّ وعلا يرحهم: { نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } 15:49. والله جلَّ وعلا يأمِّنهم يوم الفَزَعِ الأكبر، يوم يخاف كل البشر: {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } 43:68

{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } 32:17. الله جلَّ وعلا يُدْخِلهم الجنّة: {جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا} 32:17. وإذا أدخلهم الجنّة أعطاهم نعيماً ليُحيط بِكُلِّه أحد. يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث القدسي الذي رواه البخاري ومسلم: {أَعدَدْتُ لعبادي الصالحين ما عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر}. إقرأوا إن شِئْتُم قول الله {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 32:17. هذا بعض ما شوَّقنا به لندخل في زمرة العباد.

يا من يُريد أن يدخل زمرة العباد ، كن عابداً في عملك، كن عاداَ في معاملاتك مع النّاس، كن عابداً وأنت في رُكوبك من المواصلات، واعلم أن الله يعلم السِّر وأخفى. ولا تكن عبداً للدينار ولا للشهوات والهوى. واصبر على ما أصابك، واستغفر لذنبك، واشكر على ما أنعم الله عليك. فهذه الثلاث هي عنوان السعادة.

 

أقولٌ قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.

 

 


faheemfb@gmail.com   فهيم أبوخـطـوة ،، البريد الإلكتروني