خطب الجمـعة |
![]() |
|
172 |
|
بسم الله الرحمن الرحيم
الجحيم
كتبها : الشيخ صبحي الكتَّاف
ترجمها إلى الإنجليزية : د . فهيم بوخطوة
25 ذو الحجة 1436
09 أكتوبر 2015
عباد الله ،، رحمة الله تعالى تسبق غضبه ، وفي الحديث الصحيح (إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق الخلق إن رحمتي سبقت غضبي فهو مكتوب عنده فوق العرش ) رواه البخاري ، ونصوص الكتاب والسنة في بيان رحمة الله تعالى وسعتها كثيرة معلومة فما أسعدنا وأهنأنا برب رحيم تسبق رحمته غضبه ، إلا أن نصوص الكتاب والسنة جاءت أيضا بأمر آخر حتى لا نسرف في الذنوب اتكالا على رحمة الله ، أمر يغفل عنه الناس وهو أن الله شديد العقاب قال تعالى ( اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم ) وقال تعالى ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم ) ، وهذا حديث ذكرى وتذكير عن الدار التي فيها عذاب الله وعقابه والتي أعدها لمن سخط عليه ، هذا حديث عن مصير أرق عيون الصالحين ومنقلب أوجف قلوب المتقين ونهاية أظمأ توقيها نهار العابدين وأطال في الليل قيام المتألهين ، وخاتمة أدامت الحزن في محيا المتأوهين ، هذا حديث عن نار جهنم وما أدراكم ما النار . إنها النار...
عباد الله : النار أجارنا الله وإياكم منها خلقٌ عظيم من خلق الله، وهي الدار التي أعدها الله للكافرين ؛ فهي مأوى الظالمين وسجن الكافرين وعقوبة العصاة والمخالفين، وهي الخزي الأكبر والخسران المبين.. هي الشر الذي لا خير فيه والورد الذي لا بد منه، قديمة النشأة وسالفة الوجود { وَاتْقَوُا النَّارَ التَيِ أُعِدَتْ لِلْكَافِرِينَ }؛ فهي معدةٌ ومخلوقة الآن، وقد رآها النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في الحديث (« لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ قَطُّ فِى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ إِنِّى صُوِّرَتْ لِىَ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَرَأَيْتُهُمَا دُونَ هَذَا الْحَائِطِ ».رواه مسلم
أيها المسلمون : الحديث عن النار حديث صدقٍ وحق.. فيها جبالٌ وأوديةٌ وأنهرٌ وشعاب.. فيها دركاتٌ ومنازل، وهي سوداء مظلمة.. قاتمةٌ معتمة.. لها صوتٌ يسمع من بعيد.. تشهق وتزبر تمور موراً، وهي ترى أهلها عندما يساقون إليها ( إذَا رَأَتْهُمْ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا ) شررها الذي يتطاير منها كالقصر العظيم البناء ( إنها تًرْمِي بِشَرَرٍ كَالقَصْرِ ) قال ابن مسعود مِثْلُ الْمَدَائِنِ وَالْحُصُونِ ، الحزن فيها دائمٌ وطويل، وللناس فيها صياحٌ وضوضاء وعويل.. قلوب أهلها ملئت قنوطًا ويأساً، ولا تزيدهم الأيام فيها إلا شدةً وبؤساً، فيها من العذاب والآلام ما تعجز عن وصفه الألسن والأقلام، وفيها من الأهوال والأحزان ما تتقاصر دون تصوره الأذهان : قال الله عنها { إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } ، خوف الله بها ملائكته المقربين فقال { وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ } وخوف الله بها نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم فقال له ( لاَ تَجْعَل مَعَ اللهِ إِلَهً آَخَرَ فَتُلْقَى فِيْ جَهَنَمَ..) ، وخوف الرسول بها صحابته وأمته فأنذرهم النار وقال : " أنذرتكم النار. أنذرتكم النار ".. أفبعد هذا يأمن بقية العالمين ويأمن المقصرون ؟!.. يقول الحسن البصري – رحمه الله - : " والله ما صدق عبد بالنار إلا ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وإن المنافق لو كانت النار خلف ظهره ما صدق بها حتى يتجهم في دركها، والله ما أُنذر العباد بشيء أدهى منها { فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى* لاَ يَصْلاَهَا إِلاَّ الأَشْقَى* الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى } فأين الخوف من ذلك المورد.. .
أيها المسلمون من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل، والله لا ينجو منها يوم القيامة إلا المتقون وفي التنزيل العزيز :{ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً ثم ننج الذين اتقوا } عن عبد الله - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : : " يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام.. مع كل زمامٍ سبعون ألف ملك يجرونها " رواه مسلم، لها صوتٌ رهيب وتحطمٌ ووجيج قال الله عنها { إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا }.. وفي سورة الملك :{ تَكَادُ تَميز مِنَ الغَيْظِ } وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال : " ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزءٌ من سبعين جزء من نار جهنم، قالوا : والله إن كانت لكافية، قال : فإنها فُضلت عليها بتسعة وستين جزءاً كلها مثل حرها " رواه البخاري ومسلم.. يدخلونها أهلها بأشد خطاب ثم توصد عليهم الأبواب : { نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ* إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ } الوقود الذي تشتعل به ويزيدها لهبا الناس والحجارة ( وقودها الناس والحجارة ) لا تنطفي نارها مع تطاول الزمان ولا يخبو أوارها مع مر الأيام ..قال تعالى (كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا }. وأهلها فيها مقيدون :{ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالاً وَسَعِيراً } { إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ } وفوق ذلك يضربون ويهانون { وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ } يلبسون من النار ويُصهرون : { وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ* سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ } وفي سورة الحج :{ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ } هل رأيتم يا عباد الله كيف يُشوَى اللحم على النار.. هكذا في جهنم حال الكفار { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا }،{ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ } قال ابن مسعود { وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ } قال: ألم تر إلى الرأس المُشَيَّط الذي قد بدا أسنانه وقَلَصت شفتاه ، طعامهم عذاب وشرابهم عذاب : { لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ } ، والضريع : شوكٌ يخرج بأرض الحجاز لائط بالأرض :{ إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ } والزقوم : شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رؤوس الشياطين. قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم (لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمكن يكون طعامه ) رواه أحمد والترمذي ، أما شرابهم فالغسلين والغساق، وهو عصارة أهل النار :{ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ } ( وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ } وفي الآية الأخرى : {... وَيُسْقَى مِنْ مَاء صَدِيد يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ } عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغةً ثم يُقال : ياابن آدم هل رأيت خيراً قط ؟ هل مر بك نعيماً قط ؟ فيقول : لا والله يارب " رواه مسلم.. إنها غمسةٌ واحدةٌ وينسى الإنسان كل نعيم الدنيا ولذائذها وشهواتها :{ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ * كَلَّا إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِلشَّوَى * تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى) ، عباد الله : وإذا طال البلاء على أهل النار وبلغ منهم العذاب كل مبلغ وكثرتأوجاعهم وحسراتهم وندامتهم طلبوا الخروج والمثاب : { وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ } ( ويعترفون بذنوبهم :{ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ } ؛ فيجابون بعد زمان :{ قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ) ثم يطلبون من خازن النار أن يشفع عند الله ليهلكهم وليميتهم حتى يتخلصوا من العذاب :{ وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ }إنه الرفض لكل ما يطلبون.. ويؤتى بالموت ليذبح، ويقال لأهل الجنة : خلود فلا موت، ويقال لأهل النار : خلود فلا موت.. الحديث في صحيح البخاري ؛ روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل عنهم ما هم فيه من العذاب قال فيستغيثون فيغاثون بالضريع لا يسمن ولا يغني من جوع فيستغيثون فيغاثون بطعام ذي غصة ، فيذكرون أنهم كانوا يجيزون الغصة بالشراب فيستغيثون فيغاثون بماء من حميم في كلاليب من حديد فاذا أدنوه إلي وجوههم شوى وجوههم فاذا أدخلوه بطونهم قطع ما في بطونهم قال فينادون ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب قال فيجابون أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال قال فيقولون نادوا مالكا فينادون يا مالك ليقض علينا ربك قال فأجابهم إنكم ماكثون قال فيقولون ادعوا ربكم فلا شيء أرحم بكم من ربكم قال فيقولون ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال فيجيبهم اخسئوا فيها ولا تكلمون قال فعند ذلك يئسوا من كل خير ويأخذون في الويل والشهيق والثبور اهــ ، هنالك يشتد نحيب أهل النار ويعظم حزنهم ويطول بكاؤهم ؛ فيبكون حتى تنقطع الدموع ثم يبكون الدم حتى يصير في وجوههم كهيئة الأخدود من البكاء ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( إن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا لابثين فيها أحقابا لا يذوقن فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا جزاء وفاقا ......) أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم..............................................................
أيها المسلمون : إن من كمال عدل الله - عز وجل - أن لا يساوي بين المطيع والعاصي والمصلح والمفسد :{ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } (وإن الله - تعالى - وصف لنا عقابه ؛ فليس للعاصي على الله حجة..، فالكفر والنفاق سبب للخلود في النار :{ وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ } ومن انتصر برأيه معارضا أمر الله وشرعه فليسمع قول الله - عز وجل - :{ ألم يَعْلَموا أنه من يُحَادِدِ اللهَ ورسولَه فأن له نارَ جهنمَ خالدًا فِيِهَا ذَلِكَ الخِزْيِ العَظِيِم } ، وويلٌ ثم ويلٌ لتارك الصلاة حين يسأل :{ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِبُ بِيَوْمِ الدِينِ *حَتَى آَتَانَا اليَقِين * فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ }.. وأكل الربا موجبٌ لدخول النار، وأكل أموال اليتامى ظلمًا :{ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } وفي صحيح مسلم : أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال : يقول الله - تعالى - : الكبرياء ردائي والعظمة إزاري.. فمن نازعني واحدة منهما أدخلته النار ".. وفي القرآن العظيم : { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } .. وأكل أموال الناس بالباطل والانتحار مقرونان في آيةٍ واحدة.. قال الله - عز وجل - { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا } .. واليمين الكاذبة تغمس صاحبها في النار ؛ لذا سميت يمينًا غموسا، والركون إلى الظَّلَمة والميل معهم سبب من أسباب دخول جهنم { وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ... }.. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " صنفان من أهل النار لم أرهما : قومٌ معهم سياطٌ كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ مائلاتٌ مميلات روؤسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها.. وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا " رواه مسلم.. وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال : " يامعشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار، فقالت امرأةٌ منهن : وما لنا يارسول الله أكثر أهل النار ؟ قال : تكثرن اللعن وتكفرن العشير" رواه البخاري ومسلم.. وأما المراءون بأعمالهم فهم أول من تُسعَّر بهم النار يوم القيامة كما في الصحيحين ،، وقل للذين يطلقون ألسنتهم وأقلامهم بلا وزنٍ ولا حساب.. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ومن خاصم في باطل وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع ومن قال في مؤمن ما ليس فيه حبس في ردغة الخبال حتى يأتي بالمخرج مما قال" رواه أبو داود والحاكم ، وردغة الخبال عصارة أهل النار ، النار موعودٌ بها مدمن خمر وقاطع رحم والمصدِّق بالسحر والنمام ومن اقتطع مال أخيه بيمينٍ فاجرة فليتبوأ مقعده من النار بذلك صح الخبر عن الصادق المصدوق أيها المسلمون : وقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - صورا من عذاب أهل النار.. كما في حديث سمرة بن جندب - رضي الله عنه ، رأى رجلًا مضجعًا وآخر قائمًا يهوي بصخرةٍ على رأسه فيثلغ صدره ويتدحرج الحجر، ثم يصح رأسه فيثلغه بالحجر على رأسه مرة أخرى.. وأخبر أنه كان ينام عن الصلاة المكتوبة..فاحذروا يا من تنامون عن صلاة الفجر ولا يصليها الواحد منكم إلا بعد خروج وقتها بشروق الشمس ، كما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا مستقليا لقفاه وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه، ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول ويكرر ذلك.. وأخبر أنه يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق.. ورأى النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل التنور فيه لغطٌ وأصوات وفيه رجالٌ ونساءٌ عراةٌ يأتيهم لهبٌ من أسفل منهم فيصيحون.. وأخبر أنهم الزناة والزواني.. ورأى النبي - صلى الله عليه وسلم - نهرا أحمر كالدم وفيه رجلٌ يسبح، وعلى شاطئ النهر رجلٌ معه حجارةٌ كبيرة ؛ فيفتح السابح فاه ثم يلقمه الرجل حجرًا في فيه ويكرر ذلك.. وقال : هذا آكل الربا.. ورأى رجلًا كريه المنظر كأكره ما أنت راء، وقال : هذا مالك خازن جهنم، الحديث رواه البخاري.. فهل بعد هذا الوعيد من وعيد.. { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } ، أيها المسلمون : كلام الله حق :{ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ } .والإيمان والعمل الصالح هو والله طريق الفوز والفلاح، ووعد الله ووعد رسوله صدق.. فلن يلج النار رجلٌ بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، وعينان لن تمسهما النار عينٌ بكت من خشية الله وعينٌ باتت تحرس في سيبيل الله.. وللتقوى منزلة عظيمة : { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } والدعاء والاستعاذة بالله بابٌ عظيمٌ للنجاة.. عن أنس بن مالك - رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " ما سأل أحدٌ الله الجنة ثلاثًا إلا قالت الجنة : اللهم أدخله الجنة، وما استجار مسلم من النار ثلاثًا إلا قالت النار : اللهم أجره مني " رواه أحمد وابن ماجة بإسناد صحيح.اللهم أجرنا من النار ، اللهم أجرنا من النار
أقول قولي هذا وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمد رسول الله.